من الملاحظ أن الإهتمام الزائد و الدعم السخي من بعض المانحين الأجانب لحماية المدن القديمة ما فتيء يواجه عقبات متعددة تقف في طريق تنفيذ المشاريع المعلنة.
و هو ما يبدو جليا في ضخ مليات الأوقية التي يتم رصدها لتنفيذ برامج و مشاريع وهمية تتجدد كل سنة بتجدد واجهات مافيات الفساد و شبكاتها المتناثرة في الإدارة..
و كما تبين بعض تدخلات المؤسسة فإنها تعكس على الأغلب صراع أصحاب النفوذ و المصالح في المجتمع و حتى داخل دهاليز الوزارة الوصية و يكون ذلك عادة عند إعداد الدراسات أو تنفيذ بعض البرامج و أحيانا على طريقة الموافقة على الموازنات و التمويلات المخصصة لذلك..
و بالإضافة إلى تعقد الإشتباك الحاصل بين الأطراف المستفيدة و تباين استفاداتها و بموازاة بيروقراطية الإدارة التي كثيرا ما تكون عاملا آخر في استغلال ظروف السكان و المدن المستهدفة، فإن المشاريع التي تنال الموافقة في نهاية الأمر غالبا ما تكون نسخة مكررة من مشاريع وهمية يراد لها أن تمثل غطاءا شرعيا لاختلاس الأموال العمومية حيث تستخدم لهذا الغرض كافة الوسائل بدءا بإشراك الوجهاء و الأعيان المحليين و التنازل لهم عن مقدار من المنافع الهامشية... إلى إبرام الصفقات المحظورة مع المنتخبين و رؤساء البلديات..
و هكذا يبرز أن الإهتمام بالمدن القديمة لا يتعدى أكثر من الحصول على نصيب من "غنيمة" التمويلات التي يتم صرفها عادة هذا النوع من المشاريع، في حين يشاهد الجميع كيف أن معالم تاريخية و دينية هامة تبتلعها الرمال المتحركة بصمت مثال ذلك تيشيت و شنقيط و ولاته و الرشيد و قصر البركة و غيرها من المواقع الأثرية التي مثلت إشعاعا واسعا امتد لعدة قرون..
فهل حماية المدن القديمة تعني مزيدا من النسيان و مزيدا من الاندثار لآثار تلك المدن و نهبها لبيعها بأثمان رخيصة في الخليج و أوروبا؟
أم هو في تركها تواجه قدرها بصمت في عزلة بين هضاب و كثبان الصحراء بسبب قد لا يكون وجيها و هو أن المؤسسة تدار بعقلية المقاول "المغفل" الذي لا يبحث إلا عن الربح أيا كانت الوسيلة و هو ما يعكسه الغياب التام للهدف الأصلي المتمثل في الطابع الثقافي الذي يعتبر محورا أساسيا إلى جانب المهام الأخرى المسندة إلى المؤسسة ذات الطابع التنموي و الإنساني؟..
و حسب مصادر فإن ثراءا غير مسبوق بدأ يظهر على أحد مسؤولي هذه المؤسسة بعد أن كان بالأمس القريب يتسكع بين برص انواكشوط لكن بقدرة قادر و بين عشية و ضحاها أصبح يمتلك منازل فاخرة قرب أتاك الخير في منطقة صكوكو بإنواكشوط...
و لنا عودة للموضوع بعد مزيد من التحري و التدقيق...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق