إختر الترجمة

الشعر الحساني:البنية الإيقاعية والأبعاد البلاغية

الأستاذ الباحث والأديب:احمدو ولد اجريفين

مقدمة:

لقد ظل الشعر الحساني إلى عهد قريب في منأى عن الدراسة تحكمه الأذواق الانطباعية والأحكام الجزافية, ورغم ذلك ظل محافظا على نصاعته بفضل الذائقة الفنية لدى أصحاب الحس المرهف من متعاطيه, أو ما يعرف ب "التحنكي" وهو حس ينشأ

عن المراس يمكِّن أصحابه من معرفة جيد الشعر من رديئه شكلا ومضمونا, دون أن يكون ذلك على أساس قوانين عروضية أو بمصطلحات نقدية محددة الدلالة.

وهكذا حافظ هذا الشعر على أنساقه الفنية وتطور رغم غياب الدراسة والتدوين في ظروف البداوة التي احتضنت نشأته كما احتضنت نشأة أبيه الشعر العربي الفصيح حتى كأنه هو المعني بقولة لرؤبة العجاج:

بأبه اقتدى عدي في الكرم۞ ومن يشابه أبه فما ظلم

إلا أنه بعد تمدن المجتمع البيضاني, وظهور العولمة, أصبحت الحاجة إلى دراسته أكثر إلحاحا لأسباب عدة أهمها:

1. ظهور الفروق بين بعض الجهات في كثير من المفاهيم والمصطلحات بعد أن تأتت مقارنتها.

2. توفر وسائل الطبع والنشر التي كانت شبه معدومة أيام البداوة والترحال.

3. تراجع التحنكي أفقيا وعموديا, حيث قل أهله وضعف لدى البقية الباقية منهم.

4. الانفتاح المصاحب للعولمة مما يفرض وضع أسس وقوانين علمية لتقديم هذا الشعر للآخر بصورعلمية لائقة

5. إدراج هذا الفن في مناهج التعليم يتطلب وضع أسسه وقوانينه النظرية أولا بشكل محكم ورصين.

ولهذه الأسباب ظهرت عدة كتابات استبشرت لها الأوساط المهتمة بهذا الميدان أملا في تنقيح وتأطير هذا الشعر الذي يمثل أهم خصوصياتنا الثقافية, إلا أنما أنجز في هذا الإطار من دراسات إن كان ما يحسب له غيرته على هذا الأدب المعرض للضياع, فإنه يؤخذ عليه عدم ارتكازه على أسس علمية مكينة, حيث ذهب أغلبه في محاولات التفصيح القسري لإقحام هذا الشعر عنوة في قوالب الشعر العربي الفصيح رغم أنه لا ينضبط تحت نظام التفعيلات الخليلية لاختلاف بنيوي بينهما يتمثل في أن الشعر الحساني يحمي المتحركات مطلقا ولا يلقي بالا للسواكن المنفردة بينما يفرط نظام التفعيلة الخليلي في بعض المتحركات ويحمي بعض السواكن المنفردة في إطار الزحافات والعلل, كما يؤخذ على بعضها الآخر ركونه إلى تحكيم الأهواء والآراء الشخصية في تناوله لهذا الشعر.

نشأة الشعر الحساني

إن الباحث في نشأة الشعر الحساني عليه أن لا يتطلع ببساطة إلى الخروج من بحثه بتاريخ محدد لميلاد هذا الشعر حيث أنه يمثل ظاهرة إنسانية مرت بمراحل من التطور عبر العصور حتى وصلت إلى صورتها الحالية, وهكذا لم يصل الباحثون بعد إلا إلى مجرد افتراضات واستنتاجات تختلف من باحث لآخر نظرا لعوامل موضوعية من أهمها بعد هذا العامل ندرة المراجع, وإن اتفق أغلبهم على أنه نضج في أواسط القرن 12هـ على أيدي شعراء في طليعتهم:

• اعلي وأعمر أبناء مانو في الترارزة

• الكفية ولد بوسيف وسيد أحمد بن آوليل في الحوضين

• سدوم ولد انـﭼرتو في تكانت

ويرى الدكتور محمدُ ولد أحظانا أن هذا النضح تم بعد أربع محطات بارزة هي:

المحطة الهلالية, محطة التوطن, محطة المغنين, ومحطة الأدب الشعبي .

وما أستطيع الخروج به من تتبع أهم المراجع المتاحة حول نشأة الشعر الحساني هو أن دوحته لم تنشأ ناضجة, وإنما نبتت من بذرة الأزجال الهلالية وسمدت بالموشحات الأندلسية وأصابها وابل الأوزان المحلية ثم أتت أكلها في أواسط القرن 12هـ.

نماذج طور البداية :

1. من أقدم النصوص الحسانية التي وصلتنا شفاها الڨاف التالي الذي يعود إلى بداية القرن 11هـ :

الهكاريات ۞خلاو لعجب

خلاو بزيد۞ؤبـاب أحمد

وتتضح بدائية هذا النص من وزنه المضطرب وتقفيته القائمة على ما يعرف بالمحص (التشكيل بدلا من الحروف)

2. بعد شوط على درب التطور والنضج جاء ڨـاف سيد المحجوب الجكني المتوفي سنة 1102هـ, حيث يقول:

ياللي اعل الـهـم ادّبّر۞ازمان لحـڨ اعـــــل طبُّ

المات خوه ؤلا كـشّر۞ما يعـڨــب كون ال عطب

ويمثل هذا النص نهاية البداية في نشأة الشعر الحساني حيث كاد وزنه أن يستقيم أما التقفية فسليمة تماما.

3. يذكر المؤرخ صالح ولد عبد الوهاب في الحسوة البيسانية من يمكن اعتبارها أول شاعرة حسانية وهي والدة ديدَ ولد هون العبيدي حيث أورد لها “ڨاف” من التيدوم تحرض فيه زوجها على الثأر لأبنها الذي قتله أولاد بوفايدة في حربهم مع أولاد امبارك سنة 1124هـ, حيث تقول بلوعة الثكلى:

راح لرماڨ اهظال۞من تلــــــواد للفراح

كيف اللي ماج وال۞وكتن ل ديد ما راح

وعلى هذا النص يمكن التأسيس لإثبات فرضيتين مهمتين في تاريخ الأدب الحساني, تتمثل أولاهما في أن المرأة كانت من رواد هذا الشعر الأوائل إلى جانب الرجل.

أما الفرضية الثانية فتتمثل في أن بت التيدووم هو أول لبتوته نضجا, حيث يمكن اعتباره أصلا لجميع لبتوته السباعية كما سنبين لاحقا.

ومما تميزَ به طور النشأة سيطرة مجموعة البت لكبير وهي مجموعة مهلهلة البنية الإيقاعية لا تنضبط بمقاييس الوزن المعروفة اليوم, مما يجعلها مرحلة بين النثر والوزن, ولذلك فقد اندثرت وتم تجاوزها بعد ما نضج الشعر الحساني, وهي: انكادس ولمسڨم والواكدي...الخ, ومن أمثلتها:

الشر افــــــــــرظ يويل اللفاڨَ ۞والناس تخدم واللا مافات لاڨَ

لهروب الا ڨبل انحيرت الناڨَ ۞ويل راد الحي النـــــــــــــاشِ

مزال انهار بين نحن اُبخـواڨَ ۞حزازن ابليس ما معاه غــاشِ

نماذج طور النضج

تتجلى مظاهر نضج الشعر الحساني أولما تتجلى في استقامة وزنه وسلامة تقفيته, ومن نماذج نضجه الأولى:

1. في مومايت البت لكبير:

يقول اعل ولد مانو يمدح المختار ولد أعمر ولد اعل شنطوره (ت 1170هـ) :

يا المختار أعـــتك انخــرص۞اندرو يكان انصيب مخلــــــوڨ

من لمغافر كامل إخــــــــلص۞هذا الشكر الزين الموثــــــــوڨ

جالبولك ياللي مـانك أحرص۞من حـاتم واللا منـو الفــــــــوڨ..........الخ

2. في بوعمران:

من نماذج الشعر الحساني الناضجة عند الشعراء الرواد, قول ارشيد الملاتي :

دون نصــــر احـلل تيمجـيج۞تيڨر وأعــــلاب إنڨـــــراج

شابح امن الدوڨج وامن أيج۞ؤشابح امن اعكل تيجڨلاج

ؤكان شار ؤشـــــــوم اتّلاّوْ۞واصّْطل والســودَ وافراو

واغمــــــاڨ ؤ ڨــورُ سـداو۞ذاك فعل النضـو الفجفاج

فـرظ فم اڨــلــوبَ يـنـبــــاو۞من الغبي اعـليـهم لـرهاج

درتهـا تسـّــــــكّن وأبـــات۞يا امحمد لخـــلاڨ امشات

يا اظـمين أولاد المــــلات۞يا ارجل لكهــــال ؤ لنتاج

عيّْطـت لي سود النجـلات۞عاد عار اڨعادي واعواج

3. في بت لبير:

يواصل الشعر تألقه في أواسط القرن 12هـ مع الكفية ولد بوسيف, ومن ذلك قوله في الحكمة:

يحـــــــــــد الدني مايل۞شــورك واعليها مـايل

اعلم بعــــــد انهَ زايــل۞وانت وأيــــــــاه زايـل

مذ مـــــــــن حد اشتاڨه۞واجمعه بعــــد افراڨـه

ملك اذهـــــــبه وانيـاڨه۞تيمركاتن واشـــــوايـل

وامش عنه ماظــــــاڨه۞وان ذاك اللي ڨـايـــــل

فات ملكـوه لولـــــــــين۞اللي ملكــوهَ ملك زين

ؤعڨبت فأيدين التالييين۞ذوك ارحايل وانزايل

غير ألّ يمــش كاملـين ۞عـــــــنهَ مشيت لوايل

التسمية

لقد أطلق المهتمون بهذا الشعر عدة تسميات عليه ومن أهمها:

1. لـغــــن:

وهو من أقدم أسماء الشعر الحساني ومشتق من الغناء لثقة الصلة بينهما, يقول محمد ولد هدار:

حــــد افـلـغـــن راخ ذهــــــنُ۞ذاك اغـناه اڨـبـل ما مـغـنـاه

يـهــن لــيــن إصــحـــح وزنُ۞وإلى صــح إنـاسـق معـنــاه

2. المـوزون:

وهو من أسماء الشعر الحساني المعروفة, يقول محمد ولد حمدي ولد اجريفين في نقد هذا الشعر:

حد اسكت عن ڨول الموزون۞ماهي شين غير اللي شين

حـــــد إڨـــــول مـاه مـــوزن۞والل مــــوزون ؤلاهُ زين

3. الشعر الحساني:

يتحفظ بعض الباحثين على هذه التسمية كنسبة لبني حسان باعتبارهم ليسوا أوفر حظا من غيرهم فيه, وهذا ما أتفهمه لكن لا أفهمه لأن النسبة هنا لا تعني قصره على بني حسان كما هو الحال في الشعر العربي والشعر الفرنسي والإنجليزي...الخ.

ومهما كانت تسمية هذا الشعر يظل المسمى هو الأهم

فما هو الشعر الحساني؟

تعـــريف لدراسة الشعر الحساني لابد من تعريفه أولا, وتجسيدا لإيماني بأبوة الشعر الفصيح له التي أشرت إليها سابقا أعرفه بأنه "الكلام الموزون المقفى".

ولهذا التعريف حدود ثلاثة هي:

1. الكـلام:

وأقصد به الكلام عند النحاة أي الكلام المفيد دون غيره.

2. الوزن:

وهو ضبط الإيقاع الموسيقي للتيفلواتن بشكل أحادي أو ثنائي, وسنبين ذلك بالتفصيل لاحقا.

3. التقفة:

وهي نظام أروية التيفلواتن بكل ضوابطه, وهو ما يحدد نمط القطعة الشعرية (ڨاف, طلعة, ڨاف أحمر...إلخ).

أوزان الشعر الحساني إن النظرة المتفحصة لأوزان الشعر الحساني أو أبنيته الإيقاعية, تبين أنها تتحدد بعاملين اثنين هما:

1. الحركة:

و صورها ثلاثة هي الضمة والفتحة والكسرة, ويجب تساوى عدد الحركات في التيفلواتن المتشاكلة.

2. الـﭬدعة:

وهي تتابع ساكنين, وصورها أيضا ثلاثة باعتبار نوع الساكنين وهي:

• تتابع ساكن ميت وساكن حي: مثلما في كلمات: عاد, ﭬاف ... إلخ.

• تتابع ساكنين حيين: مثل ما في كلمات: زيْنْ, عنْدْ...إلخ.

• الساكن المشدد: مثل ما في كلمات: حدّْ, حڨ...إلخ

ويشترط ألا تنتقل إلى الساكن الثاني من الڨدعة حركة همزة بعده كما في قولنا:

" ﭬافُ ؤطلعه" و"عندَأمنام" و"حدِّ إڨول".

وتؤثر الڨدعة بعددها وموقعها النسبي في التافلويت, ولا اعتبار لها إذا كانت بعد المتحرك الأخير, ولا للساكن المنفرد, مع استثناءات محدودة جدا سنبينها في حينها.

الوحدة البنائية للشعر الحساني

تعتبر التافلويت الوحدة البنائية للشعر الحساني وتجمع على تيفلواتن وتقابل الشطر في البيت العربي الفصيح, إلا أنه ليس في التافلويت ما يقابل التفعيلة في الشطر.

وعلى مستوى التيفلواتن تتحدد لبتوته (لبتيت, بوعمران...إلخ)

وبالتقفية تتحدد أنماط الشعر الحساني (كاف, طلعة... إلخ). والتيفلواتن نوعان:

1. الحمرة: وتقابل الصدر, ولها روي ثات.

2. الكصرة: وتقابل العجز ورويها ثابت أيضا.

أنماط الشعر الحساني

تعريفنا للشعر الحساني يبين أنه كلام مقيد بصفتي الوزن ويحدد بت الشعر الحساني, والتقفية وتحدد أنماطه وهي:

1. الـڨــــاف:

وهو قطعة شعرية تتكون من عدد زوجي من التفلواتن أقله أربعة تتناوب على رويين عادة, وتسمى تافلويت الروي الأول "الحمرة” وتافلويت الروي الثاني "الكصرة”, ومثاله قول أحمد ولد الديد (ت 1944م):

فات اعلي ذا العام تام۞مان عارف من واكل

فم أڨـــــــلال ؤفم تامـ۞ـرزكيت ؤفـــم انواكل

2. الطلعـة:

وهي قطعة تبدأ بثلاث تفلواتن على الروي الأول تسمى "لحمر" أو "لعـﭬارب" ثم رابعة على الروي الثاني تسمى "الكصرة" وبعد ذلك تناوب التيفلواتن على الرويين, وحدها الأدنى ست تيفلواتن, والأعلى زوجي مفتوح, ومن أمثلتها قول محمد لحبيب أمير الترارزة (1291-1303هـ) من لبتيت التام:

ما يلحڨ حد امن الوسواس۞ والعس اعل راص والساس

والذل ؤخـوف اكــلام الناس۞وأغــــــداج ؤكـــره الكلف

فاش إتـــم إخـــمــم باڨـياس۞النلف ما ڨــــــــــاس ايلف

وهناك أنماط أخرى من الشعر الحساني لكنها شاذة ونادرة وهي:

3. الڨاف الأحمر:

وهو قطعة تكون فيها الحمرات والكصرات على روي واحد, ومن أمثلته ڨـاف لوليد ولد دندني الشهير:

جَيْتِ لانيُـــــــورْ ؤبيـك البَدْ ۞والظِّحْكْ ؤعِــــزِّتْ شِ يِرْتَدْ

جاكْ أحْمَدْ وامش، والاَّ عَنْدْ۞جاكْ أحْمَدْ وامشَ جاكْ أحْمَدْ

4. المصارْعة:

وهي قطعة تأتي فيها الحمرات والكصرات مثنى مثنى, ويسميها البعض "المصارع" ويخطئ من يعتبرها بتا مستقلا, لأن ما يميزها هو التقفية كما تميز الڨاف والطلعة ويمكن النسج على منوالها في أي بت آخر, ومثال هذا النمط من بت احويويص:

عــنـد أتــيـنــاك۞ريت اللي حـاك۞امـره مجـعــول۞اعلــــيهَ هـــول

تمــدغ مســواك۞واتخرص هـاك۞تظحـك واتڨـول۞رظعـو لعجــول.

5. المثلوثة:

وهي قطعة تتناوب فيها التفلواتن على ثلاثة أروية بدلا من رويين, ويسميها البعض "المزارڨ", وأيضا يخطئ من يعتبرها بتا مستقلا لنفس السبب السابق, ويمكن النسج على منوالها في أي بت, ومثالها من لبتيت الناقص:

ألبارح يا لعل۞بت انـداو داء۞سابڨ لعش أراه

ومن نام قــبل۞صلاة العشاء۞لا نامت عـيـنـاه

6. المرابعة :

وهي قطعة تتناوب فيها التفلواتن على أربعة أروية, وخطأ يعتبرها البعض بتا, ومثالها من لبتيت الناقص:

نبغ مدح انبي۞ؤلايكصرهال حد۞بيه الحسبه طاهر۞واولاد بالتفــخـيـم

أربعــه فأيدي۞راعيهــا لك تنعد۞القـاسـم والطــاهر۞والطيب وابراهيم

و تسميات المصارْعة, المثلوثة والمرابعة كلها من عندي, وقد أهملت تسمياتها السابقة لبنائها على أساس غير مقنع.

لبتـــوته

لبتوته هي بحور الشعر الحساني وتتحدد بعدد الحركات وعدد وتموقع الـﭬدعات وتنقسم باعتبار الـﭬدعة إلى أربعة أقسام: ‌

أ. لبتوته المسرومة

وهي التي لا ﭬدعة فيها فيما قبل المتحرك الأخير, وتتحدد بعدد الحركات في التافلويت من 8 في لبتيت التام إلى 4 في احويويص, أما ما يسمى ابتوتة 3, 2 و1 فلا يعتد بها عند أهل التحقيق , وتضم هذه المجموعة لبتوته التالية:

1. لبتيت التام:

وتتكون تافلويته من 8 حركات, ومن أمثلته قول الأديب الشيخ ولد مكي (ت 19/11/1996م):

إلى عاد الدهر اعل حال۞الدهر اللي نعـــــرف مزال

وابلاباس أعـيد ؤتحجال۞ابلد فيه الناس ال تنڨــاس

مــزال ؤمـــزال إلى ڨـال۞اللي يبغي حـد ابـــلا باس

آن بعـــد - ؤلاني مقـــيس-۞اللي نبغي نوعــد بقاس

وامن الناس انّختير انڨيس۞ألَّ ذاك الفيه امن الناس

2. الـتــيــدوم:

وتتكون تافلويته من 7 حركات, ومن أروع ما قيل فيه مديحية سدوم ولد انجرتو الشهيرة (ت 1812م):

صلى الله اعـل البشـير۞ نبي الله انـــــبــــي

ؤصلى لله اعـل الفخير۞بايـدُ ذيـك الـســخي

سراج الظــو المـنـيـــر۞أعـز الخـلق اعــلي ...الخ

3. لبتيت الناقص:

وتتكون تافلويته من 6 حركات, ومن رقيقه قول سيدي محمد ولد الڨصري (ت 1927م):

كالحمــــــد اللي يواد۞لمريـفــــڨ واكتن راد

الله اعلـيــــــــك ابعاد۞الدهــــــر اللي غلاك

ؤخسرت حالت لبـلاد۞ؤعدت انت للي جاك

مـاه انت ذاك ؤعـــاد۞ذا ماهو دهر اغلاك

عــدت آن مــــانِ زاد۞سيدي محمــــد ذاك

4. حـثـو الجراد:

وتتكون تافلويته من 5 حركات, ومن أمثلته قول سيدي ولد قطرب الديماني:

نعرف دهر اعييت ۞انجي يا المـقــيـت

لاخيام افحـاشـيــت۞ذاك العلب اظريك

أفْ زر أفـرشـيــت۞أم الرغــوه ذيـــك

بيـهم معْـتـــــــــنيَ۞روحي يا الملــيك

مــري يـا الــــدنيَ۞مـاڨــل اتـوالـيـــك

5. احويويص:

وتتكون التافلويت فيه من 4 حركات ومثاله قول القاض محمذن ولد محمد فال (امَّيَيْ) رحمه الله:

نرسـل باكلام۞لـغـلَ جـيـلِ

وانجـي ڨــدام۞أمــراسـيـل

‌ب. لبتوته المـﭬدوعة

وهي التي توجد بها ﭬدعة أوأكثر, وتتحدد بعدد الحركات وعدد وتموقع الـﭬدعات في التافلويت, وأشهرها لبتوته السباعية المكونة من 7 حركات وﭬدعة واحدة يمثل موقعها النسبي الفرق بين عناصر هذه المجموعة, وذلك على النحو التالي:

1. بوعمران:

وتقع ﭬدعته بين المتحرك الأول والثاني من التافلويت, ومثاله قول الحاج ولد الكتاب في نصيحته الشهيرة:

لا اتدور امن الدهر المان۞لد عــــــــنُّ لحنــش لعم

ؤلااتحــامر صنعه تشيان۞ؤلا اتطيب اطياب اللحم ...الخ

2. امريميده:

وتقع ﭬدعته بين المتحرك الثاني والثالث من التافلويت, وفيها يقول الأديب محمود مسومة (ق 12هـ):

ابڨيت في الدار انڨَوڨڨ۞واجروحت الخد إبانُ

وامشـات ولفي يـايَوڨي۞فاســـــلامة الله ؤمانُ ...الخ

3. الحــــــر:

هذا البت لم أجد له أثرا في كافة المراجع المتاحة كما أنه ليس معروفا لدى المدارس الأدبية التي تعرفت عليها وعايشت شعراءها, وأقول ذلك حتى لا أقول إنه لم يكن موجودا أصلا, وقد عثرت عليه عندما وضعت ﭬدعة لبتوتة السباعية بين المتحرك الثالث والرابع, فبحثت عن أمثلة له فأعيتني وحينها وضعت له المثال التالي وسميته الحر.

بت الحر هـــذا شــوفـوه۞يالشـعـــار ڨــول يــزيــان

في التحرار ما تعـرفـوه۞في اللي سابڨ أهل الريان

هذا البت وزْنُ هــــيــيـن۞اعل حد يـوزن فطـــيــــن

هو الثـالث إج باعـجــين۞في المســــابعه وأشــنــان

وامع ذاك موزون ؤزين۞ماه ڨــاع لاه يـشـيــــــــان بت الحر...

4. التروبيع:

وتقع ﭬدعته بين المتحرك الرابع والخامس, وغير متفق على تسميته, ومنه ڨفان نحية "ويدلال ويدلل":

متتعـدل حــد وامـحــال۞واماب إڨــــول ويـــدلل

يا اللالي باط يا اللا لي۞مـعــدل حـد مـتـعــــدل

5. تڨادرين:

وتقع ﭬدعتها بين المتحرك الخامس والسادس, وفيها يقول الأديب الكبير المختار ولد الميداح رحمه الله:

رزق العـبــد البيه واعـد۞مول العون ؤ مولْ الْقوَّ

هـــو زاد الهــون واعــد۞واللي واعد هــــــكْ هوَّ

لا تتهم عـــــن حد ينـفـعْ۞لوخــر دون ألله وأرفعْ

تخمامك عـن ذاك وأڨـنعْ۞بالڨلب ؤالاخــــلاڨ خوَّ

واللي خــاط ذاك مرجـعْ۞مايحتـسب كـــــــون هوَّ

6. السغير:

وهو عبارة عن تڨادرين السابقة محذوفة ما بعد الڨدعة من الكصرات, مع وجوب الاحتفاظ بالڨدعة في نهاية الكصرة وهي الڨدعة الوحيدة التي تلزم بعد المتحرك الأخير لأنها تمثل ڨدعة تڨادرين في التافلويت الأصلية, ومن هنا جاءت تسميته "اسغير تڨادرين”, وبذلك يصبح 7+5 متحركات, فمثلا من ڨاف المختار السابق نحصل على تافلويتين من السغير بحذف كلمة "القوّ":

رزق العبد البيه واعد۞مول العـــون ؤ مول

ولهذا تصلح كل كصرة من السغير لأن تكون تافلويت من حثو الجراد, ولكن العكس ليس صحيحا.

وقد أسقط امحمد ولد هدار هذه الڨدعة مشكلا صورة نادرة وذلك في مدحه لأحمد باب ولد البخاري حيث قال:

الشــكر انــت ما اتـــزوزُ۞شــــــــورك مـجـــــارِ

طول الليــــــــــالي احوزُ۞ؤطــــول النــهــــــــارِ

و بإضافة ڨدعة "إيه" مثلا إلى نهاية الكصرات تصبح من السغير الطبيعي, وهذا هو الفرق بين كصراته وحثو الجراد.

7. تاطــــرات:

وتقع ﭬدعتها بين المتحرك السادس والسابع (الأخير), ومن أمثلتها ڨفان شور "روْڨالّه" المعروف, مثل:

ما خالڨ نوم ؤ لا اڨعاد۞أغـــلانا تظـفـر ظــالَّ

مرّت بالبال إلين عـــاد۞فاصل فاحجاب الظالَّ

8. لبــيــر:

وهو عبارة عن تاطرات السابقة محذوفة الساكن الثاني من ڨدعة الكصرات, مع وجوب الاحتفاظ بالساكن المتبقي ميتا (وربما يكون هو السبب في تسميته "آڨلال") وهو الساكن الوحيد الذي لايمكن إسقاطه لأنه يمثل ڨدعة تاطرات واحتفظ به تجسيدا لصلة لبير بها, ولذلك كل كصرة من لبير هي تافلويت من التيدوم ولكن العكس ليس صحيحا, ولذلك سمي "أبير تاطرات” كما سمي السغير "اسغير تڨادرين".

وللتوضيح نحذف الساكن الثاني من الڨاف السابق بوضع "يان" بدل "ظالّ" و"اغلانَ" بدل "الظالّ" فنحصل على ڨاف من لبير على جلالته هو:

ما خالڨ نوم ؤ لا اڨعاد۞أغـــلانا تظـفـر يــــانَ

مرّت بالبال إلـين عـــاد۞فاصل فاحجاب اغـلانَ

‌ج. لبتوته المُمَوْمية

التمَوْمِي في الحسانية هو التململ وفي الشعر الحساني إدخال ڨدعة في مواقع ثابتة من التافلويت المسرومة مما ينتج عنه بت آخر يسمى مومايت بت تلك التافلويت.

ومن أمثلتها:

1. مومايت البت لكبير:

وهي عبارة عن لبتيت التام (أكبر لبتوته المسرومة) أدخلت فيه ڨدعة بعد كل متحركين في الصورة الكاملة للموماية وقد يسقط بعضها جوازا, ومن أمثلتها قول لكويري ولد عبد الله رحمه الله:

الناس ذا العندهَ ما ينشاف۞والڨــالْهَ إلاه اتڨولُّ أبيت

والڨـالْهَ ڨاف اتڨــولُّ ڨـاف۞والڨــالْهَ بيت اتڨـولُّ بيت

لاحظ سقوط الڨدعة الثالثة من التافلويت الأولى

2. مومايت حثو الجراد:

وهي عبارة عن حثو الجراد السابق به ڨـدعة بعد المتحرك الثاني وهي نادرة ومن امثلتها قول الشاعر الكبير سيدي ولد الـﭼاه رحمه الله يمدح أبناء أغمي الشيخ واعبيد والباه وابراهيم:

الشـيخ ول أغـمي۞معروف باتمعليم

واعـــبيد ملـغمي ۞والبـــاه وابراهيم ...الخ

3. مومايت احويويص:

وهي عبارة عن احويويص المعروف مڨدوع بعد المتحرك الثاني, ومثاله قول محمد عبد الله ولد اجريفين (بيدي) في مدح الشيخ ابراهيم انياس الكولخي:

يا شـيخ الاشيـاخ۞الجــاك يشـرب

عفــير بوبــــــاخ۞بوباخْـنَ اتــرب

‌د. لبتوته المشكلة

وتنتج عن المزاوجة بين بتين لتشكيل بت ثالث, وهذه الظاهرة نادرة وتأتي تناسبا مع الإيقاعات الموسيقية الخاصة لبعض "الأشوار", ومن أمثلة هذه لبتوته:

1. مُشَكل لبتيتين (التام والناقص):

بيظاني رافد عاد الراص۞رابي هون افلخيام

مانهولت عندك مــلاص۞ذا عـقــل مــاه تام (شاهد شور لڨريِّنْ)

2. مُشَكل لبتيت-تاطرات:

النبي تحت منت أحـرار۞ زين خظر إدڨيانهَ

ڨد امنين إشوف الكفار۞ يطلڨ ليات اعنانهَ (مدحة النبي لعدو ليانها)

3. مشكل تڨادرين-تاطرات:

هاذ الشور اغناه نـاتـڨ۞ تيفلواتن متعاڨــبين

وحده منهم تاطـرات اڨـ۞ ــبلهّ وحده تڨادرين (شاهد شور لاهي إغنولي ذاك زين)

4. الرســــم:

ويتكون من سلسلة مقاطع رباعية (ثلاث حمرات + كصرة = مقطع), والحمرة الثانية تكون على وزن الكصرات, وأشهره المشكل من حمرات من لبتيت الناقص وكسرات من ثلاث حركات وڨدعة بين المتحرك الأول والثاني كما في قول المختار ولد الميداح:

نسبڨ باسم الحـنان۞رب الاكــوان

العــزيز السبحـــان۞واحــد الـذات

والصفــات الديـــان۞باش عـنـوان

انظمت ما يشــيــان۞بالـرديــــدات

والغــــيرَ والتشـيان۞بـيـن الاعيان

واسمعتو ڨول افلان۞ڨال كلـمـــات ........الخ

5. السروزي:

وهو يشبه الرسم إلا أن حمراته من امريميدة وكصراته من احويويص, وأغلب النماذج التي عثرت عليها منه مضطربه الوزن مما جعلني أعتبره صورة ابتدائية للرسم فلم أذكرها. 6. التبراع:

هو موزون يكتب في مقاطع ثانئية الإيقاع أحادية الروي, والمقطع يسمى التبريعة, وتتكون من تافلويت من حثو الجراد, وتافلويت من لبتيت التام, وهذه هي الصورة الأكثر شيوعا ومن أمثلتها: قول الشاعـرة:

الڨلب احمومَ۞والجسم أخبر فيه انتومَ

وقول الأخرى: مافي حفــره۞من حبُّ ترفد مَ لخــــرَ

عيوب الوزن والقافية في الشعر الحساني لا يزال هذا الشعر في بداية طريق الدراسة النقدية, فبعض مصطلحاته الفنية فضفاضة وغير متفق عليها, ومن أهمها:

1. الزحال:

وهو النشاز, وانتفاؤه شرط للجمال بشكل عام, وفي الشعر الحساني هو عيب يلحق بالتافلويت وله صور متعددة, ويسلب النص شعريته لإخلاله ببعض شروط الوزن السابقة, و صوره هي:

• الظلاع:

وهو عيب يلحق بالتافلويت عندما تنقص حركة أو ڨدعة عن العدد المطلوب, فتسمى ظالعة.

• المـلـخ:

وهو عيب يلحق بالتافلويت عندما تزيد حركة أو ڨدعة عن العدد المطلوب, فتسمى مملوخة.

2. الـﮊي:

وهوعيب يلحق الروي عندما يستخدم حرفه بصوتين. والحروف ثنائية الأصوات محدودة ومنها:

• البـاء:

حيث يختلف نطقها في "غـبَّ" بتفخيم الباء عنه في "حبَّ" بترقيقها.

• الراء:

حيث يختلف نطقها في "دار" بتفخيم الراء عنه في "إدار" بترقيقها.

• الزاي:

حيث يختلف نطقها في "الكـﮊ" بتفخيم الزاء عنه في "اللز" بترقيقها.

• الفاء:

حيث يختلف نطقها في "جنافه" بتفخيم الفاء عنه في "اﮊرافه" بترقيقها.

• اللام:

حيث يختلف نطقها في "يڨفل" بتفخيم اللام عنه في "يكتل" بترقيقها.

• الميم:

حيث يختلف نطقها في "كُــم" بتفخيم الميم عنه في "كَــم" بترقيقها.

3. التعكلي:

وهو عيب ينتج عن تنافر الحروف, أوثقل بعضها كالهمزة التي يميل اللسان الحساني إلى تسهيلها أو حذفها أو قلبها ياء كلما أمكنه ذلك, وهذا العيب أقل قدحا من سابقيه حيث لا يسلب النص وزنه.

4. البرود:

ويعبر به عن ضعف الزخم الصوتي للتافلويت وينتج عن قلة السواكن المنفرة (الصوائت) وهو مثل التعكلي لا يخرج من الوزن, بل هو أخف هذه العيوب على الإطلاق .

المقارنة بين الشعر الحساني والفصيح

سأحاول في السطور القادمة تلمس أوجه التشابه بين هذين الشعرين, ذلك التشابه الذي تمليه عدة أسباب من أهما:

1. اتحاد الروافد الثقافية والطبيعية التي غذت الشعراء فعبر كل بوسيلته عن نفس المشاعر.

2. ازدواجية بعض الشعراء بين الفصيح والحساني ونبوغ بعضهم في هذا الأخير أكثر من الأول.

وسأحاول استجلاء تقاطع الفنين في البعد البلاغي واستخدام الأمثال والقصص...الخ، وسأكتفي فقط ببعض الأمثلة من ألوان الطيف البلاغي الذي تزخر به مدونة الشعر الحساني.

‌أ . المحسنات المعنوية:

1. التورية:

وهي إطلاق لفظ له معنيان قريب وبعيد بقصد البعيد, ومنه في الفصيح قول السيوطي يرثي زوجته غصون:

يا من رآني بالهموم مطــــــوقا۞ وظللت من فقدي غصونا

في شجون أتلومني في طول نوحي والبكا۞شأن المطوق أن ينوح على "غصون"

ومن أمثلته في الشعر الحساني قول محمد باب ولد ابراهيم اخليل (ت 1956م) في مانه منت ابراهيم السالم:

البن للطلبه طينـــــاه۞وازرعــن وال ڨال اعلاه

ماڨطين بيهم ززنــاه۞ ڨـد اعمـارتن واخـــــلان

يغير الص مانه والله۞-قَسَمْ- مانعطوهم "مان"

2. حسن التعليل:

وهو تجاهل علة الأمر المعروفة وادعاء علة تناسب قصد الشاعر بمسوغ لطيف, مثاله من الشعر الفصيح قول أبي تمام:

لاتنكروا عطل الكريم من الغنى۞فالسيل حرب للمكان العالي

ومن أمثلته في الشعر الحساني قول سيديا ولد هدار (ت 1946م) يمدح محمدن ولد أبن المقداد:

وامع ذ من فعل إعـلِّ۞واستنـبـيـط واتفڨـريشَ

ناڨظ وامشنكر بيه الِّ۞وذنُ غابنتُ في العيشَ

3. الطباق والمقابلة:

وهو الجمع بين الشيء وضده, ومثاله من الشعر الفصيح قول المتنبي:

أزورهم وسواد الليل يشفع لي ۞ وأنثني وبياض الصبح يغري بي

ومن أمثلته في الشعر الحساني قول أحدهم:

أتايك هاذ مـــان كاد ۞نظبط لُ يخــوي طـعم

يحلاو ؤيليان ؤيبراد ۞ؤيمرار ؤيجهاد ؤيحم

اللف والنشر:

ويسمى في الشعر الحساني ب"التروسي" وهو ذكر متعدّد يتعلّق بكلّ واحِدٍ منه أَمْرٌ لاحق؛ فاللّف يُشار به إلى المتعدّد الذي يؤتى به أوّلاً، والنشر يُشار به إلى المتعدّد اللاّحق الذي يتعلّق كلُّ واحد منه بواحد من السابق دون تعيين اعتماداً على ذهن السامع في إرجاع كل واحد إلى صاحبه, وقد يكون مرتبا أو معكوسا أو مشوشا, ومن أمثلته:

قول الأديب المعاصر التقي ولد الشيخ في تقريظ ديوان للكاتب:

ديــوان أحمـدُّ ما نرخـيـه ۞ بأيد بي الِّ لحـت اعـلـيه

العــين افرمضـــان ؤبـيه ۞ ڨـصّرت امن أيـام يومين

سجـــالُ طريف اللي فـيه ۞ ؤ نسيبُ ؤرثـــاءُ الاثنين

ؤمدحُ, مدحُ مـان ناسـيه ۞ وامبيَّظ وطيـات ابلا مين

حسان اف مديـــحُ لنبـيه ۞ وامـبـيَّظ وطـيات الكعبين

والتوجيه اعـط للتوجـيه ۞ مـاه ؤڨــيم فـيه ابـريحين

واف سجـالُ دمُّ خفـيف ۞ ؤنسـيـبُ زيـن ؤزيـن إلـين

الرثـا ؤمـديـح كــيـــف ۞ مـدحُ زيـن ؤتـوجــيه زيــن

‌ب . المحسنات اللفظـية:

1. الجناس:

ووهو اشتراك اللفظ واختلاف المعنى, ومثله من الشعر الفصيح قول أبي تمام:

ما مات من كرم الزمان فإنه۞يحيا لدى يحيى ابن عبد الله

ومن أمثلته في الشعر الحساني قول الفنانة الشاعرة فاطمة النعمة بنت الشويخ تصف جملا أعجبها:

أﮋرڨ وامـﮋرول فيه حاط۞حري مولان عـــــالم

وإعود الْ عــنُّ هـون حاط۞ول ابراهـيم الســــالم (وقد اشتره لها عندما سمع الڨاف)

2. الاقتباس:

وهو تضمين النثر أو الشعر شيئا من القرآن أو الحديث؛ ومثاله من الفصيح قول محمد بن الطلبة (ت ):

إن لي في الدمــوع سبحا طـويلا۞لا أذوق المنــــام إلا قليلا

من هوى خدلة متى تلق شخصا۞تأخذ القلب منه أخذا وبيلا

ومن أمثلته في الشعر الحساني قول الشيخاني ولد محمد الطلبة (1905-1986م):

البارح باتت مينّ۞تلهين عن ميمونَ

"إنا للـــــه وأيـنّ۞إلــــــيه راجعـون"

وهكذا في بقية ألوان الطيف البلاغي حيث ينسج الشعران بذات الرصانة والتأنق البلاغي.

3. الأمثال والقصص:

دأب الشعراء في كلا الفنين على إيراد الأمثال والقصص والمحاورات في أشعارهم الفصيحة والحسانية, من ذلك على سبيل المثال لا الحصر, في إيراد الأمثلة في الشعر الفصيح قول الشاعر:

إذا رضيتْ عني كرام عشيرتي۞ فلا زال غضباناً عليَّ لئامُها

ونظير ذلك في الحسانية قول الكاتب:

انت كان ارضات يمّكْ۞في الناس العظـام

ذاكُ هـمـك... لاإيهمّكْ۞يم أهــــل لعـظـام

وفي إيراد مثَل آخر يقول شاعر فصيح:

إذا قالت حذام فصدقوها۞فإن القول ما قالتْ حذام

ويقابل ذلك في الحسانية قول أحدهم:

الهول افحـذام بالكل۞ممتثــل خير الكلام

حـذام فيه النعمَ والـ۞ـقول ما قالت حذام

وهنا تفوق الحساني على الفصيح باستخدام مثلين:

خير الكلام ماقل ودل, و القول ما قالت حذام.

4. المحاورة والمراجعة:

ويصل التشاكل بين الشعرين هنا حد التواطؤ, وهنا تكفي المقارنة بين مقطع من رائية عمر ابن أبي ربيعة (أمن آل نعم أنت غاد فمبكر) و"اطلع" (دار امج لڨويرب الاول) لمحمد ولد المداح, فاستمع إلى عمر حيث يقول:

فَلَمّا فَقَدتُ الصَوتَ مِنهُــم وَأُطفِئَت۞ مَصابيحُ شُبَّت في العِشاءِ وَأَنوُرُ

وَغابَ قُمَيرٌ كُنتُ أَرجــو غُــــيوبَهُ۞ وَرَوَّحَ رُعيــــــــــانُ وَنَوَّمَ سُمَّرُ

وَخُفِّضَ عَنّي النَومُ أَقبَلتُ مِشيَةَ الـ۞ــحُبابِ وَرُكني خَشيَةَ الحَيِّ أَزوَرُ

فَحَيَّيتُ إِذ فاجَأتُهــــــــــا فَـتَـوَلَّهَـت۞وَكادَت بِمَخفـــوضِ التَحِيَّةِ تَجهَرُ

وَقالَت وَعَضَّت بِالبَنـانِ فَضَحتــَني۞وَأَنتَ اِمرُؤٌ مَيسورُ أَمـرِكَ أَعسَرُ

أَرَيتَكَ إِذ هُنّا عَلَيـــــــكَ أَلَم تَخَـف۞وُقيتَ وَحَولي مِـن عَـدُوِّكَ حُضَّرُ

فَوَ اللَهِ ما أَدري أَتَعجيــــــلُ حـاجَة۞ سَرَت بِكَ أَم قَد نامَ مَن كُنتَ تَحذَرُ

فَقُلتُ لَها بَل قادَني الشَوقُ وَالهَوى۞إِلَيكِ وَما عَينٌ مِنَ النــاسِ تَنظُرُ

فَقالَت وَقَد لانَت وَأَفـــــرَخَ رَوعُها۞ كَلاكَ بِحِـفـــــــظٍ رَبُّـكَ المُتَــــكَبِّرُ

فَأَنتَ أَبا الخَطّــــــــابِ غَيرُ مُدافَعٍ۞عَلَيَّ أَميــــــــرٌ مـــا مَكُثتُ مُؤَمَّرُ

فَلَمّــا تَقَضّى اللَيـــــــلُ إِلّا أَقَـــــلَّه۞وَكادَت تَـــــــــوالي نَجمِهِ تَتَغَوَّرُ

أَشارَت بِأَنَّ الحَيَّ قَد حـــانَ مِنهُم۞هُبوبٌ وَلَكِن مَوعِأأدٌ مِنكَ عَزوَرُ

فَما راعَني إِلّا مُنــــــــــادٍ تَرَحَّلوا ۞وَقَد لاحَ مَعروفٌ مِنَ الصُبحِ أَشقَرُ

فَلَمّا رَأَت مَن قَـــــــــد تَنَبَّهَ مِنهُمُ۞وَأَيقاظَهُم قالَت أَشِـــر كَيفَ تَأمُرُ

فَقُلتُ أُباديهِم فَإِمّا أَفـــــــــــوتُهُم۞وَإِمّا يَنالُ السَـــــيــفُ ثَأراً فَيَثأَرُ

فَقالَت أَتَحقيقاً لِما قــــــالَ كاشِحٌ۞عَلَينا وَتَصديقاً لِمــــــا كانَ يُؤثَرُ

فَإِن كانَ ما لا بُــــــــدَّ مِنهُ فَغَيرُهُ۞مِنَ الأَمـــــرِ أَدنى لِلخَفاءِ وَأَستَرُ

أَقُصُّ عَلى أُختَيَّ بِـــــــدءَ حَديثِن۞وَما لِيَ مِن أَن تَعلَمـــــــا مُتَأَخَّـرُ

لَعَلَّهُما أَن تَطلُبـــــــــا لَكَ مَخرَجاً۞وَأَن تَرحُبا صَدراً بِما كُنتُ أَحصُرُ

فَقامَت كَئيباً لَيسَ في وَجهِها دَمٌ۞مِنَ الحُزنِ تُـــــذري عَبرَةً تَتَحَدَّرُ

فَقامَت إِلَيها حُــــــــرَّتانِ عَلَيهِما۞كِساءانِ مِن خَزٍّ دِمَقـسٌ وَأَخضَرُ

فَقالَت لِأُختَيها أَعينـــــا عَلى فَتىً۞أَتى زائِراً وَالأَمــــــرُ لِلأَمرِ يُقدَرُ

فَأَقبَلَتا فَارتاعَتــــــــــــــا ثُمَّ قالَتا۞أَقِلّي عَلَيكِ اللَومَ فَالخَـــطبُ أَيسَرُ

فَقالَت لَها الصُغرى سَأُعطيهِ مِطرَفي۞وَدَرعي وَهَذا البُردُ إِن كانَ يَحذَرِ

يَقومُ فَيَمـــــــــــشي بَينَنا مُتَنَكـِّراً۞فَلا سِرُّنا يَفشو وَلا هُــــــوَ يَظهَرُ

فَكانَ مِجَــنّي دونَ مَن كُنتُ أَتَّقي۞ثَلاثُ شُخوصٍ: كاعِبانِ وَمُعصـِرُ

وانصت إلى محمد ولد المداح (ت 1961م) وهو يبادل إلفه أطراف الحديث:

نافد بلي شـفـــــــت النختـير۞منُّ مـلـــڨى عاسر مثـــورت

زوزالي ما ريـــــــت يغــــير۞خــــالڨ شي ڨطـيت اتفــڨدت

دار امـجي لڨـــويــرب الاول۞تميــــت الغــــــــروب انسفل

اجمل شــلل لي مستــڨـــــبل۞خظت اعـــل لوتد واتعيثرت

وافزري فـم اعجــيل اجـفـل۞مربـــوط افحڨـــبه وانڨطعت

ڨلت الهـا باعجـــلكم يجـفـل؟۞ڨالت مــــا يجفل وانت خـفت

حكمـت وذن ؤحلـيـت احـبل۞وابطــت واتلفــــــــت ؤڨـلت

لمري لڨــديـح التغـــــــســل۞النّ احـن ڨــالت لي رشـخت

وافهـاذ حصــرت ڨاع الـبـل۞واڨبظت اڨـديحـيـتن وارفعت

دار امجي لڨويــرب في اللـيل۞ليله فيهـا لفــــــــراش اڨـلـيل

بدلت اصـــــــريميه باكـــفـيل۞محــشي من تاڨه واتـڨـنـڨـلت

حكيت أثري مسـيـت اطـفـــيل۞راڨد واتـنـقــــس واستحـرفت

خايف من ننشاف ابذي الحيل۞وامنين اصـــرد ڨمت ؤرجعت

نافد بلي...

المراجع:

1. أحمد ولد اجريفين: مع الموزون, مذكرات ديوانية بتوطئة عروضية, دار الفكر 2011م

2. أحمد ابن الأمين: الوسيط في تراجم أدباء شنقيط

3. المختار بن حامدون: حياة موريتانيا الجزء الثقافي

4. محمدن ولد سيد ابراهيم: تهذيب الأفكار في الشعر الحساني المختار

5. محمد بن بتار بن الطلبة: الشعر الموريتاني الملحون "لغن", مركز نجيبويه 2010م

6. محمد سالم بن جدو: الحسانية ألسنيا وأدبيا

7. د. محمدو ولد أحظانا:معقول اللامعقول في الوعي الجمعي العربي: صورة المغيب في المخيلة الشعبية الموريتانية (نموذجا)

8. القاضي ابراهيم ولد مولود ولد داداه: مختارات من الشعر الحساني الموريتاني, دراسة مرقونة.

9. نيل الأماني في عروض الشعر الحساني, لمحمد الأمين ولد لكويري

10. محمد ولد أحمد الميداح الشعر الحساني بين محاولات الإتقان ومحاولات الإمتهان

11. التقي ولد الشيخ: البعد البلاغي في الشعر الحساني (لغن) مقال منشور

12. ديوان أبي تمام

13. ديوان المتنبي

14. ديوان عمر ابن أبي ربيعة

15. ديوان محمد ولد الطلبة

16. ديوان الشيخ ولد مكي

17. ديوان الشيخاني بن محمد بن الطلبه

18. شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك, دار التراث - القاهرة، دار مصر للطباعة 

الأستاذ الباحث والأديب:احمدو ولد اجريفين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق