أثارت تدوينة نشرها الرئيس السابق لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية (تواصل)؛ محمد جميل ولد منصور، القيادي البارز في تيار الإخوان المسلمين بموريتانيا؛ زوبعة قوية من الجدل الفكري والسياسي على مواقع شبكة التواصل الاجتماعي.
ففي حين اعتبر عدد من النشطاء المحسوبين على “تواصل” حديث الرجل عن مقارنة المرشح المدني والمرشح ذي الخلفية العسكرية للرئاسيات نوعا من محاولة ترك الباب مواربا لتبني الموقف الذي قد يتطلبه التعامل مع احتمال فوز مرشح السلطة محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني في السباق الرئاسي المقرر تنظيمه شهر يونيو المقبل ؛ أو ذاك الذي قد يترتب على فوز منافسه المدعوم من حزب “تواصل”؛ سيدي محمد ولد بوبكر؛ اعتبر آخرون أن ولد منصور إنما عبر عن قناعة مدعومة بحجج وقرائن قدمها في تدوينته.
في المقابل رحب عدد من المدونين ونشطاء شبكة التواصل الاجتماعي الداعمين للمرشح ولد الغزواني (جنرال سابق في الجيش) بموقف الرئيس المؤسس لحزب الإسلاميين الموريتانيين؛ معتبرينها اعترافا من شخصية سياسية لوزن ولد منصور بِما يعتبرونها مؤهلات مرشحهم ومؤشرا إضافيا على كونه “مرشح إجماع وطني”؛ حسب الشعار الذي يعتمدونه.
كتب محمد جميل ولد منصور: “تبدو لي بعض النقاشات حول مقابلة المدني والعسكري في الرئاسيات التي بدأت حملتها بالفعل في غير محلها وأزعم أنها غير دقيقة ولعلها غير مفيدة أما كونها غير دقيقة فلأمرين :
1- منذ انقلاب العاشر من يوليو إلى الآن ظلت وسائل العسكريين المتعاقبين على السلطة هي الشخصيات المدنية تبرر لهم وتنفذ أمرهم وترسخ انغماسهم في السياسة وتاريخ الحركات والتيارات السياسية مع حكم الجيش تزيينا وتشجيعا وتحالفا واستفادة معروف مشهور ولا تسلم حركة أو تيار من تهمة تدبير انقلاب أو إسناده وأول ذلك كان مع أول انقلاب يوليو 1978.
2- لا تبدو لي حدود التشبث بالديمقراطية من عدمه منطبقة على ثنائية مدني – عسكري فلا كل مدني عميق الإيمان بالديمقراطية ولا كل عسكري أو صاحب سابقة عسكرية مؤكد الكفر بها.
أما كونها غير مفيدة فالناظر لحال عدد من البلدان سيلحظ دون عناء أن هذه الحدية في المقابلة بين مدني وعسكري أوجدت أجواء صراع ومنطق عصبيات وتناصر هد بلدانا ويهدد أخرى وكل خطاب يعمم – متهما- على العسكر كل العسكر أويعمم – مزكيا – على المدنيين كل المدنيين يتسبب – حتى لو سلمت النوايا الديمقراطية لأصحابه – في توتير الأجواء وتوسيع الشقة بين مكونات ومؤسسات تناقضها يضر وتكاملها ينفع.
لا يعني ماذكرت أنني لا أحس بالتداخل الذي وقع بين السياسة والجيش في بلادي وهو تداخل أضر بالسياسة وهي مجال تنافس وخلاف وتعددية وأضر بالجيش الذي يفترض فيه أن يكون عنوانا جامعا يحترم مهمته الدستورية بعيدا عن الصراعات السياسية والانتخابية.
إن تصحيح العلاقة بين الجيش والسياسة أولوية ملحة مع ضرورة التوازن والمسؤولية في ذلك ولعله من المهم أن يدرك الجميع أنه لم يعد مقبولا أن نعلن أن الجيش لا علاقة له بالسياسة وانتخاباتها ولا السلطة ورهاناتها في الوقت الذي يلحظ قادته في ساحات الحملات والمبادرات ويكون لهم أثر بالغ في المؤسسات والحكومات أدرك أن تداخلا يعود إلى أكثر من ثلاثين عاما يحتاج حكمة ووقتا لعلاجه وأدرك أن للقوات المسلحة رأيا ودورا في قضايا استراتيجية مهمة ولكنني أدرك أيضا أن الكف عما يعزز هذا التداخل ويوجه الجيش إلى مهمته الوطنية النبيلة أصبح ملحا وضروريا .
فعلا علينا أن نبعد المؤسسة العسكرية عن خلافاتنا السياسية ومناكفاتنا الإعلامية ولكن علينا أن نبعدها ورجالها عن حملاتنا التعبوية ومبادراتنا القبلية”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق