غزواني يتحرك في سفينة مثقوبة وسط أمواج عاتية..
(تحليل) ـ يفتقد مرشح النظام الموريتاني في الانتخابات الرئاسية الى حليف حزبي متمرس، ويمتلك عمقا شعبيا حقيقيا، والحقيقة انه لم يحظى بهذا الحليف رغم جوقة الاحزاب المحيطة به ذات اليمين وذات الشمال، وهنا تكمن أزمة اكبر حزب في البلاد وهو الاتحاد من اجل الجمهورية الذي يعتبر اقوى حليف حزبي للرجل، فقد فقد هذا الحزب شعبية الرئيس محمد ولد عبد العزيز، تماما كما فقد ثقة محمد ولد الغزواني مرشح النظام، والخسارة الأكبر انه فقد تماسكه بسبب الخلافات على المناصب والمكاسب الشخصية في موسم سياسي لا يرحم.
مقارنات ميدانية..
ويمكن ان توضح المقارنات الميدانية ان التنظيم الحزبي العميق، وتسيير الامكانيات –مهما كانت ضعيفة- اضافة الى الإلتصاق بحياة الناس، وتبني قضاياهم، قد أفاد مرشحي المعارضة بشكل كبير رغم ضعف الإمكانيات ورغم ان هؤلاء المرشحين خارجين من عشر سنوات من الصراع مع الحكومة التي جففت منابع تمويلهم وفرضت عليهم الاقصاء ودفعتهم للتظاهر في الشارع.
يمكن ملاحظة القوة التي اكتسبها الوزير الاول السابق سيدي محمد ولد بوبكر اقوى مرشحي المعارضة لحد الآن بسبب دعم حزب تواصل أقوى احزاب المعارضة، حيث تسير حملة المرشح في ثقة وتكتسب كل يوم مصادر قوة جديدة، كما يمكن على نفس القياس ملاحظة كيف افادت تجربة حزب الصواب في اظهار خطاب المرشح بيرام ولد اعبيدي، كما يمكن ايضا ملاحظة كيف تبلورت تجربة مهمة على المستوى السياسي من خلال تحالف حركات محال تغيير الدستور وحركة نستطيع مع احزاب مثل التكتل وإيناد واتحاد قوى التقدم لترشيح الدكتور محمد ولد مولود.
لقد كان وجود هذه الاحزاب قويا في دعم مرشحيها عبر تحريك شعبيتها بحسابات دقيقة من اجل التمهيد لحملة انتخابية ساخنة في يونيو القادم.
ان الاحزاب الداعمة تشكل محورا مهما من محاور دعم المرشح، اذا تمت ادارتها بشكل يواكب المراحل ويضع استراتيجيات عميقة تحلل الواقع باستمرار.
لكن الحزب الاكثر تمثيلا في البلاد (الاتحاد من اجل الجمهورية) يبدو غير قادر على منح المرشح ولد الغزواني أي بريق سياسي، في مثال صارخ على عدم الحنكة السياسية.
UPR ثقب في سفينة غزواني المبحرة في بحر السياسة
وقد اظهرت الخلافات الكبيرة والصراع على المناصب ان حزب الاتحاد من اجل الجمهورية ليس بالحليف الجيد الذي يمكن الاعتماد عليه، خصوصا مع قناعة الحزب بتقديم وزراء الحكومة الى مناصب قيادية في الحملة بما يتنافى مع حقيقة ان الوزراء يجب ان يكونوا على مسافة من الانتخابات لضمان شفافيتها.
كما ان الحزب الذي يقود احزاب الاغلبية لا يبدو واثقا من نفسه في حواره مع المعارضة الموريتانية لتشكيل لجان وهيئات اللجنة المستقلة للإنتخابات حيث لا يزال يعترض مع الاحزاب الموالية على رفض عضوية احمدو ولد الوديعة لحكماء اللجنة المستقلة للانتخابات في محاولة لتعليم المعارضة كيفية اختيار مرشحيها للمناصب الرقابية..
كما دخل الحزب وقادته في حرب مع المبادرات الداعمة للمرشح عبر محاولة اقصائها، وهاجم قياديون فيه عددا من المعارضين المنضمين لدعم المرشح في سابقة من نوعها.
ولم يكد الحزب يستيقظ من فضيحة محاولته اجبار الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز على الترشح لمأمورية ثالثة وهي الفكرة التي رفضها الرئيس حتى وقع في الخلافات حول الموقف من دعم وزير الدفاع السابق.
ولكن المرشح نفسه - والذي يعرف بدون شك حقيقة الحزب- رفض ان يترشح من خلاله راغبا في النأي بنفسه عن هذه الامبراطورية المتهاوية التي عرفت بعدم النضج السياسي واستنادها الى نفوذ الدولة وشعبية الرئيس محمد ولد عبد العزيز في فرض نفسها على الموظفين وتبني سياسة الانتساب الجبري على الناس.
وقد وضع هذا الموقف الحزب في منطقة صعبة لا يحسد عليها، فعندما يرفض مرشح الدولة الترشح عن طريق حزب الدولة فهذا يعني ان الحزب لا يمتلك من البريق ما يلزم.
ورغم ذلك فان الحزب ظل من اكبر داعمي المرشح الا ان ذلك جعل غزواني يبحر في سفينة مثقوبة وسط امواج عاتية ما يهدد حملته بشكل كبير.
كذبة إبريل.. تمحوها حقيقة مايو..
سبق للحزب الحاكم الاتحاد من اجل الجمهورية ان قال ان عدد المنتسبين اليه يبلغ مليون و400 منتسب، وذلك خلال اختتام الحزب حملة الانتساب التي أطلقها على عموم التراب الموريتاني ابريل 2018.
وهي ارقام مبالغ فيها وغير حقيقية بالمقارنة مع نتائج انتخابات 2018 البرلمانية والجهوية والبلدية.
فيما أكدت اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات أول امس الاحد أن مجموع الناخبين المسجلين على اللائحة الانتخابية الجديدة يبلغ مليونا و544 الف و132 شخص وهم ناخبون لو استطاع الحزب الحاكم الحصول على اكثر من نصفهم بشق الأنفس في الشوط الاول فسيكون قد حقق انتصارا مهما.
وعلى العكس من ذلك فان المعلومات التي أراد الحزب الحاكم اظهارها فإن أي مراقب قد يصاب بالحيرة من ان الحزب ومرشح النظام الذي يمتلك ايضا شعبيته الخاصة يتحدثون عن فوز 100% في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
ولا يمكن هنا للحزب الذي يستغل امكانيات الدولة الادعاء انه لم يتمكن من احصاء المنتسبين إليه على اللائحة الوطنية.
لكن من الواضح ان الارقام غير حقيقية في النهاية، فكذبة الحزب في ابريل 2018 لا تزال محل سخرية الشارع، كما ان نتائج الانتخابات التشريعية والبلدية والجهوية الماضية اظهرت زيف هذه الارقام، والاحزاب عادة تبدء في الانهيار والتلاشي عندما تبدء لعبة الأرقام الزائفة.
المصدرالوئام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق