تتحضر المخيمات الفلسطينية في لبنان لموجة احتجاجات ضد سياسة التضييق الأخيرة التي تمارسها الأجهزة اللبنانية بحق العمال والمؤسسات التابعة للاجئين الفلسطينيين تحت ذريعة عدم توفر تصاريح عمل لديهم.
وتمنع السلطات اللبنانية اللاجئ الفلسطيني من العمل في نحو 72 مهنة، إضافة إلى سياسة التضييق المختلفة التي تطال المخيمات الفلسطينية، أبرزها التضييق في إجراءات الخروج والدخول منها وإليها.
وأكدت مصادر لـ"الحدث بوست" أن لجنة الحوار الفلسطيني اللبناني منزعجة جدا من تضييق وزارة العمل الأخير بحق الفلسطينيين، وقررت دراسة مقترحات بشكل عاجل ورفعها في إطار توصيات إلى الحكومة لتبنيها، في وقت تتكثف فيه الدعوات على الصعيد الفلسطيني لتنظيم احتجاجات وفعاليات حاشدة لمواجهة "العنصرية" بحقهم.
من المسؤول؟
وأكد الحقوقي محمد الشولي أن "وزارة العمل هي التي كلفت الأجهزة الأمنية بملاحقة العمال والمؤسسات الفلسطينية بما يتناقض مع قرار القوى اللبنانية الذي أقرته وشرعته السلطات اللبنانية في عام 2010 عندما سمحت للفلسطينيين بالعمل في نحو 40 مهنة بناء على منحهم إجازات عمل مجانية".
وأضاف منسق العلاقات العامة والإعلام في المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان (شاهد) أن "الإشكالية ليست في مسألة إجازات العمل بل في الآليات البيروقراطية التي تمارسها وزارة العمل خلال عملية إصدارها لتلك الإجازات، حتى إن عددا قليلا منح للفلسطينيين في عهد وزراء العمل كافة منذ عام 2010".
وأشار الشولي في تصريحات لـ"لحدث بوست" إلى أن التبريرات اللبنانية وفق وزارة العمل تستند إلى كون "الفلسطيني ضيفا لا يحق له منافسة مضيفه اللبناني على فرص العمل"، رافضا هذا التصنيف "لأن الفلسطيني يعمل بكد وجد في سبيل تأمين لقمة عيشه ولا ينافس اللبناني في قوته ورزقه".
ووصف الشولي إجراءات التضييق الأخيرة على الفلسطينيين بـ"الإجراءات التعسفية"، قائلا: "لا يحق للحكومة اللبنانية القيام بهذه الخطوات بما يتنافى مع الشرائع الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، لافتا إلى أن "لبنان لم يُوقع وتحفظ على القرار العربي في الدار البيضاء عام 1965 والذي ينص على معاملة اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم معاملة المواطن الأصيل من حيث الحقوق الإنسانية كافة".
واعتبر أن الاستمرار في هذه الإجراءات يدلّل على سياسة ترقى إلى "مرتبة التمييز العنصري تمارسها الدولة اللبنانية بحق الفلسطينيين"، مستغربا "استهداف مؤسسات فلسطينية تحت الذريعة نفسها، علما بأنها قانونية وتنتظم في دفع الضرائب والوفاء بالتزاماتها".
ودعا إلى ضرورة النأي بالفلسطيني عن أي حملات داخلية شعبوية في لبنان في إطار الصراعات السياسية بين الأقطاب اللبنانية، وقال: "نرفض استخدام الفلسطينيين ورقة في صراعات السياسيين وعمليات الاصطفاف الانتخابي".
وعن دور المؤسسات الحقوقية في الضغط على الحكومة اللبنانية للتراجع عن إجراءاتها، قال: "لا بد من حراك حقوقي كبير لتسليط الضوء الحقوقي والقانوني على التجاوزات الحاصلة"، كاشفا عن "إعداد تقرير حقوقي يوضح المخالفات القانونية التي ارتكبتها وزارة العمل بما يتنافى مع القوانين والمواثيق الدولية".
ذروة "التمييز"
وتحدث مسؤول مكتب شؤون اللاجئين في حركة حماس، أبو أحمد الفضل، عن خطوات تمهيدية سبقت إجراءات التضييق، فقال: "لاحظنا منذ فترة تصاعد الحملة التي تستهدف الفلسطينيين داخل وخارج المخيمات بالتوازي مع تضييق في عملية إدخال مواد البناء"، مشيرا إلى أن "التفسيرات لم تذهب حينها باتجاه تصنيفات سلبية، فرغم مرارة وقساوة الإجراءات السابقة فإننا كنا نعتبرها وسيلة وقائية مبالغا فيها في إطار المبررات الأمنية للطرف اللبناني".
وتحدث في تصريحات لـ"لحدث بوست" عن أن موقف الفلسطينيين "ثابت تجاه رفض مشاريع التصفية والتوطين بما فيها ورشة البحرين، غير أننا نتفاجأ في الوقت عينه بخطوات أقل ما توصف به هو أنها عنصرية تستهدف اللاجئين المقيمين في لبنان منذ نحو سبعين عاما، وكأنهم يدفعون بهم بشكل فاضح نحو اتخاذ خطوة الهجرة، في الوقت الذي يحتاج فيه الفلسطينيون إلى دعم كبير للحفاظ على تمسكهم بحق العودة".
وردا على ما وصفه بمحاولة تهجير الفلسطيني من لبنان، قال: "باقون ولن نهاجر حتى العودة إلى فلسطين".
ودعا إلى "حراك فلسطيني واسع بمشاركة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا للتصدي لهذه الخطوات التعسفية التي بلغت ذروتها"، كاشفا عن أن "لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني ستناقش، الثلاثاء المقبل، الخطوات الأخيرة آملا في اتخاذ خطوات جادة للدفع باتجاه التراجع عن التضييقيات الأخيرة".
وحذر الفضل من أن "الإجراءات اللبنانية تمهد لأرباب العمل الطريق للتنكيل بالعمال الفلسطينيين عبر الإمساك بورقة تسريحهم من دون تعويض، في الوقت الذي يدفع فيه العامل الفلسطيني بدل الضمان الاجتماعي من دون الاستفادة منه"، مستنكرا محاولة "إبقاء الفلسطيني في لبنان حبيس الإعانات والمساعدات الأممية الشحيحة أصلا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق