أيا كان البلد أو المجتمع الذي نتكلم عنه فإن افتتاح السنة الدراسية يشكل حدثا هاما بالنسبة للمنظومة التربوية بصفة عامة و بالنسبة للطلاب و أوليائهم بصفة خاصة، فمن جهة نجد مئات الطلاب و الطالبات بمختلف فئاتهم العمرية يودعون العطلة الصيفية التي أبعدتهم لفترة عن أجواء الدراسة، وما تتطلب من تركيز و انضباط. و من جهة نجد الأهل الذين يتطلب منهم الحدث المواكبة والتعاون مع الطاقم المشرف حتى تنجح السنة الدراسية.
هذا حدث طبيعي و لكن في مورتانيا تقف عوامل عدة دون مروره بسلاسة، من أهم هذه العوامل مشاكل البرمجة، فالأسر تعاني من كون المناخ هنا يععب دورا أساسيا في كل جوانب الحياة، و في هذا الجانب خاصة، فبرامج أغلب الناس مرتبطة بموسم الأمطار الذي قد تختلف فترته من سنة لسنة؛ إذ أن أغلبية الأسر تؤخر إجازتها السنوية لتستفيد منها في موسم الخريف، و يتسنى لها بذلك قضاء هذه العطلة في البوادي والارياف بعيدا عن ضجيج المدينة ما ترتبط به من لغط.
هذا الأمر ما جعل افتتاح السنة الدراسية يتم تأخيره رسميا هذا العام بسبب تأخر هطول الأمطار تأخرت، وهو الأمر الذي جعل الأسر تؤخر توجهها إلى البوادي والأرياف، هو الأمر الذي انعكس تأثيراته على بداية الدراسة.
لا يعدم المرء أن يلتقي بأحد المعنيين بالدراسة من تلاميذ أو من آباء، وهو يدفع ثمن هذا التأخر؛ فهذه سيدة جاءت للوزارة لتحويل أبنائها من مدرسة إلى أخرى، لكنها فوجئت كونها جاءت متأخرة، لأن الوزارة أنهت كل ما يتعلق بالتحويلات منذ الأسبوع الأول من شهر سبتمبر، وهي ذات الفترة التي كانت فيها المرأة تستفيد من عطلتها في البادية.
وهذه أسرة أخرى لديها أطفال تريد تسجيل أبنائها في السنة الأولى أساسي، غير أن ذلك يتطلب أوراقا كان يجب أن تسحب من مصالح الحالة المدنية، و لكن المدة المتبقية قبل الافتتاح لا تكفي، فقد تأخرت الأسرة في اتخاذ هذه الخطوة بسبب تأخرها في العودة من البادية. مشاهد من هذا القبيل تمر عليها يوميا هذه الأسر. و حتى الأشياء البسيطة المتعلقة بالافتتاح كشراء المستلزمات المدرسية، وتحضير الأطفال نفسيا، كل هذا يتأثر إذا بصيق الوقت الناجم عن التأخر في العودة إلى العاصمة، وهو تأخر له انعكسات سلبية يكون الأطفال غالبا ضحيتها، وإن كانت هذه بعض التحديات التي تواجه الآباء والتلاميذ على حد سواء، و لكن لا تنتهي التحديات التي تواجهها الأسر في سبيل دراسة أبنائهم عند هذا الحد، فهناك مشاكل أخرى تتعلق باختيار المدرسة، فالآباء إما أن يسجلوا أبناءهم في المدارس النظامية حيث القسم الواحد يضم أكثر من سبعين طالبا، وفي هذه الحالة سيكون أحد الأبوين هو المدرس لابنه، هذا إذا لم يكن بإمكانه صرف مبلغ للساعات الإضافية، لأن الأستاذ يتعذر عليه متابعة هذا الكم أثناء تقديمه للدرس، و إما أن يختار مدرسة خصوصية، وفي هذه الحالة يكون عدد الأطفال في القسم أقل، و لكن تبرز مشكلة مستويات المعلمين مما سيجعله يرجع لنفس مشكلة الساعات الإضافية.
إنها جملة من العوائق والتحديات تواجه التلاميذ وأولياء الأمور كثيرا طوال السنوات الماضية، و ما زالوا يعانون منها حيث يشكو الكثير منهم ممن ترشح أطفالهم للمسابقات في السنة الماضية، وقد عبر العديد من الآباء عن تذمرهم من تدني مستوياتهم، حيث كانت نسب النجاح متدنية أثناء السنة الماضية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق