-
كان أمم ولد الدح ولد بزوم منذ البداية أكثر تميزًا ، و غيرة على شأن ضعاف المجتمع و أصحاب القضايا العادلة ، بحيث أنه صبر طيلة عقد من الزمن على ويلات كثيرة من الحرمان و التهميش و النعت بأوصاف لا تليق ، من قبيل التمرّد و العناد و المكابرة و التحريض.
إنّ السمة النبيلة التي تجعل منه صاحب مواقف ثابتة تجاه فئات المستضعفين أينما كانت ، زيّنت رأسه بتاج الفخر و الاعتزاز ، لدرجة أن بعض الشباب من أصحاب المصالح الضيّقة الذين يسايرون ظلّ المتحزّبين الذين يغلبون مصالحهم الخاصة على المصلحة العامة و العليا للمجتمع و الوطن ، كانوا له دومًا بالمرصاد ، لا لشيء سوى كونه نهج يُعرّيهم في وضح النهار و يكشفهم متلبّسين بالفضيحة ، نعم ، يكتفون بجيوبهم بطريقة ليست مشرّفة و يتجاوزون ذكر المهم و لا يقفون عند متطلبات الوطن ، من توعية للمواطنين و صون المكتسبات التي تقوي الوطن و تُحصن المجتمع.
لكن ، من دهشة الفترة المعيشة أن تكون مِحكًا تتحطّم على حوافّ صخرته التي يتفرّج من على ارتفاعها هؤلاء المتلذّذين بعذابات الغير و المكابدون لآلام ضمائرهم غير الطبيعية ، ذلك لأنهم أشخاص تعوّدوا على السخرية و النفاق و التملق و التحصيل بطرق غير مشرّفة و غير مسؤولة و غير نبيلة و حتى غير محمودة ، لتخلق على آثر نهجهم الضائع عقلية مريضة ، تنمي روح الغبن و الجشع و الميل إلى بناء الصرح الواحد الذي تهيمن علهم نية الفرد التي لا تُعير أي اهتمام للجماعة و المجتمع و الوطن بل تقصي الآخرين و تحوز القلة الطامعة و المُبَجّلة.
نعم ، رغم كل ما تمّ ، سيبقى الأخ و الزميل و الرفيق ، السيد / أمم ولد الدح ولد بزوم ، أحد الشباب الثابتين على التزام المبادئ بعيدا جدًّا عن نهج تيار 200 و باقي تيارات الهمّة الضعيفة و النفس التي لا تشبع من التحصيل الممزوج بالدونية و عدم المصداقية و الإخلاص ، و الشواهد على تلك المواقف التي جعلت من هؤلاء عالة على مجتمعهم و ثقلاً مُزعجًا لوطنٍ أحتضنهم منذ نعومة أظافرهم لكنهم ناكرون حقا للجميل ، ولا عجب فهم حقا مراءون و مدانون ، لأنهم عن حبّ الأوطان لا يفقهون أي معنى ولا حتى سبيلاً.
لم تكن هذه المرحلة الشخصية التي بدأت تبعاتها تتعاظم و هي تجلب معها الخيّرين من أصحاب النوايا السليمة الذين لا ينكرون أسمى معاني الإنسانية و لا يُقرّون بأهمية المناصرة في أوقات الضيق و التأييد في أوقات المِحَنْ و العطف عند التلعثم أو العثرة ، في صيغة متكاملة العناصر و الحيثيات ، حيث يُسرُّ الكل بسحر الإنسانية الطيب الذي يمنع الجميع عن الإقدام على أقسا العقوبة أو الوقوف جانباً و التفرّج و تارة إطلاق وابل من ضحكات السخرية المتعمّدة التي تُتعبُ أصحابها أكثر مما تُدخل عليهم سُرورًا زائفًا لا يقدم ولا يؤخر.
كما أن الأخ السجين استطاع بتميّزه عن الآخرين من مائعي الشمال القلة المنبوذين قيميًا وكرمًا وأن يقطع أشواطا عديدة ليصنع لنفسه مكانة تليق به كابن بارّ لوطنه و مخلص لمجتمعه ، بدليل تزايد المطالبين بإطلاق سراحه و تزايد أصحاب الوزن و التأثير من الحقوقيين و الإعلاميين والوجهاء و الزعامات على المستوى الوطني و لا حقا على المستوى الدولي ، كتجسيد لإرادة صادقة وهمّة عالية كانت الأقدار تُخبّؤها للأخ و الزميل / أمم ولد الدح ولد بزوم ، كايقونة في مجال الصبر و الإقدام رغم كل شيء و رغم الهفوات في زمن تكاثرت فيه مجموعات شبابية لا تروم سوى التملق و الطمع و النفاق و الدجل و النميمة و السخرية و التسلية في حق الساكنة ، تتكاثر كالفطريات ، في زمن داس فيه الكثير منهم على كرامتهم و باعوها بثمن بخس بحجم طموحاتهم المضمحلة التي تبذل قبل المواجهة ، لكنهم في تحصيل الفتات برعوا فهم بارعون بارعون.
هكذا تتطاير إمبراطوريتهم الهشة مع كل شظية من شظايا تلك الصخرة التي تحطّمت عند هذا الموقف الجلل و هذه المرحلة العصيبة بالنسبة لأصحاب المواقف الإنسانية الذين يقدرون صعوبة المحنة و يسايرون المواقف التي ينبغي مسايرتها ، خلافًا لأصحاب النفوس الجشعة و الذين يتناولون بنهم كل ما تطاله أيديهم و لو كان ذلك على حساب المصلحة العامة أو على حساب كرامتهم ، تبعا له من نهج و تبا له من مسلك ، ما أشبههم بكهنة معبد آمون حيث الدجل و السخرية و التلفيق و الغمز و الهمز ...
إنها بحق ، ملحمة تسقط فيها الأقنعة و تظهر فيها النفوس الشريرة المفلسة بعد ضياع قاموسها الأخلاقي و الإنساني التي تسقط مائة مرة في اليوم ، وتهرع في الظلام الدامس كالخفافيش المتحركة ليلاً كالمفزوعة.
مجابهة متعاظمة المراحل ، و ذات انعكاسات متداخلة و جذور عميقة ، يخالها البعض قضية فردية فحسب ، في حين أنها قضية عامة و صعبة التجاهل و التناسي ، بل محطة صاخبة حتمية لا بدّ من المرور بها ، حتى تنكشف الأٌقنعة و تزول الهموم بشكل منصف و بطريقة لائقة ينتصر معها صاحب الرأي الواضح و أحد أبرز الثابتين على المواقف و المبادئ.
وبدءً من حيث توقف المرجفون في مدينة ازويرات المنجمية ، الذين تخلوا منذ فترة عن القيام بالواجب من تسليط الضوء على القضايا العادلة من ملف عمال اسنيم ، أو قضية الجرنالية أو قضية الساكنة التي تُعاني أو قضية كهربة حي الترحيل بمدينة أزويرات أو أي قضية من القضايا الأخرى التي ينبغي تسليط الضوء عليها ، بل يكتفي هؤلاء صغار الرأي و أصحاب الأفكار المتزمّتة الثابتة لرسوخ الجهل فيها ، وبلادة أصحابها ، الذين لا يعترفون بالجميل و لا حتى يقفون موقفا مشرّفًا يلتمس لهم به الاعتذار بعد وصمة العار التي تلازم جبين كل واحد من بينهم إثر اصطفافهم إلى جانب نهبة المال العام و تلقيهم مبالغ لإبراز ذلك الاصطفاف غير النبيل والذي لا يُعبّر سوى عن مضيهم قُدمًا إلى تعقّب آثار أقدام أسيادهم الذين يُبدّدون عليهم الأموال المنهوبة بسخاء عساهم يتولون تلميع بمواصفات لا تنطبق حتى ولو أخذوا لها لاصقًا و يُوزعون عليهم ألفاظًا مديحية في غير محلها.
إنهم بارعون في فنون الميوعة التي يدوس أصحابها على كرامتهم في كل مرة بلا إحساس و لا حياء ليتهم ماتت ضمائرهم قبل الفترة المعيشة ، ليتهم صاموا الدهر كله ، فأمرهم غير محمود و ذنبهم في حق المجتمع عظيم بحجم طموحهم في عالم الدونية و الارتزاق على حساب القيم النبيلة و المساعي الحميدة....يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق