ورد في مقال نشره موقع "ميدل إيست آي" البريطاني أن عدد أحكام الإعدام في مصر ارتفع بشكل مفزع، ويبدو أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي نفسه مساهم رئيسي في هذا الارتفاع.
وقال كاتب المقال الباحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش عمرو مجدي إن مصر أصبحت تتحرك بسرعة لإعدام المحتجزين، مشيرا إلى أن عدد من أعدموا منذ 2013 بلغ 2300، واصفا ذلك بأنه يشكل أزمة حقيقية يشهدها تاريخ مصر الحديث.
وأشار مجدي إلى خروج هذا التصعيد عن الممارسات السابقة التي اتسمت بها مصر حتى حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي عمد إما إلى تخفيف عقوبة الإعدام أو إبطالها، وهو ما حصل كذلك خلال عهد الرئيس الأسبق أنور السادات حتى أن قتلته لم ينالوا مطلقا هذه العقوبة.
قمع الحوار
وأشار الكاتب إلى أن حكومة السيسي عملت جاهدة من أجل قمع أي حوار حر يتناول الحديث عن عقوبة الإعدام وإسكات المنظمات التي تسلط الضوء على انتهاكات حقوق الإنسان، وأن السيسي قال حينما خاطب منتقديه في الآونة الأخيرة -بمن فيهم القادة الأوروبيون- خلال القمة العربية الأوروبية التي عقدت في شرم الشيخ "إن إعدام المحتجزين يعد جزءا من "إنسانيتنا" التي تختلف عن الإنسانية الأوروبية".
ولفت إلى مقارنة لها دلالتها، إذ قال إن الفترة الممتدة من 1991 إلى 2000 التي اتسمت بتفشي العنف السياسي في مصر نفذ 53 حكما للإعدام، في حين نجد في الوقت الراهن 50 شخصا معرضين لخطر الإعدام يوميا بعد تأكيد محاكم الاستئناف العسكرية أو المدنية الأحكام ضدهم.
وأشار إلى أن السيسي حاول تصوير عقوبة الإعدام على أنها ممارسة مقبولة بصورة عامة على الرغم من أنه تم في الواقع التقليل من حجم استخدامها في جميع أنحاء العالم.
ووفقا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة في سنة 2015، تخلت نحو 160 دولة -بما في ذلك دول في آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية فضلا عن العديد من الدول الإسلامية- عن عقوبة الإعدام، سواء فيما يتعلق بالقوانين الموضوعة أو بتطبيقها، لكن في سنة 2017 كانت مصر من بين 23 دولة فقط نفذت أحكام إعدام.
سيطرة الجيش
وأوضح مجدي أن مصر قبل 2017 كانت في حالة اضطراب سياسي شديد، خاصة أن الجيش لم يؤكد سيطرته الكاملة على مؤسسات الدولة المستقلة مثل القضاء، حيث اختار العديد من قضاة المحاكم الجنائية التخلي عن الإشراف على قضايا الإعدام.
وردا على ذلك، أنشأت الحكومة في أواخر 2013 "محاكم إرهاب" خاصة في صلب نظام المحاكم الجنائية وعينت قضاة أعربوا عن استعدادهم للإشراف على قضايا العنف السياسي المزعومة.
وفي الحقيقة، كان هذا القرار بمثابة خطوة كبيرة بالنسبة لسلك القضاء الذي يتجه لأن يصبح أداة للقمع، فقد أصدرت "محاكم الإرهاب" -وتحديدا قلة من القضاة- المئات من أحكام الإعدام.
"
السيسي حاول تصوير عقوبة الإعدام على أنها ممارسة مقبولة بصورة عامة على الرغم من أنه تم في الواقع التقليل من حجم استخدامها في جميع أنحاء العالم
"
وقال الكاتب إن محكمة النقض -وهي أعلى محكمة استئناف في مصر- واصلت عملية التثبت من الإدانات المعيبة التي لحقت بالعديد من الأشخاص من خلال إسقاط الكثير من الأحكام خلال الفترة الممتدة بين عامي 2014 و2016.
يذكر أن هذه المحكمة تحظى باحترام كبير، مما جعل من الصعب على الحكومة تقويض استقلاليتها، على الأقل حتى اغتيال المدعي العام السابق هشام بركات في يونيو/حزيران 2015 الذي ساهمت واقعة اغتياله في تغيير القوانين بالبلاد.
ففي أبريل/نيسان 2017 أقر السيسي تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية المصري والقانون المتعلق بالاستئناف أمام محكمة النقض، وهي خطوة استباقية أريد بها إجراء التعديلات قبل محكمة النقض، ومنذ ذلك الحين تراجع دور هذه المحكمة فيما يتعلق بإلغاء أحكام الإعدام الخاطئة، وتم إقرار العديد منها.
قانون غير مسبوق
وذكر الكاتب أن السيسي أصدر قانونا غير مسبوق في أكتوبر/تشرين الأول 2014 حتى قبل اغتيال بركات من أجل تمديد ولاية المحاكم العسكرية حتى تواصل مقاضاتها للمدنيين، ومنذ ذلك الحين أحيل أكثر من 15 ألف مدني لمقاضاتهم عسكريا، مما أدى إلى تنفيذ هذه المحاكم عشرات من أحكام الإعدام الإضافية.
وأشار الكاتب إلى وجود مخاوف شديدة من أنه وبعد مرور سنوات عدة من انتهاك استقلال القضاء سيفتح المجال أمام موجة من عمليات الإعدام التي ستنفذ بعد إجراء سيل من المحاكمات الجائرة.
المصدر : ميدل إيست آي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق