إختر الترجمة

المعارضة الموريتانية بين "خفايا الطمع وضبابية المواقف"

قد لايخفى على المراقب للساحة السياسية وجود ذلك الجمع الكبير من رموز وقادة المعارضة أصحاب الأسماء اللامعة في المجال الذين يعارضون من أجل تحقيق مكاسب أكثر لامن أجل المصلحة العامة كما يدعون مع إحترامنا الشديد لبعض الزعماء المعارضة الذين فعلا لهم نية صادقة تجاه بلدهم وشعبهم يراعون خصوصيات البلد ويخافون عليه أصحاب الأقدام الثابتة في الأرض والمواقف الصلبة التي تعكس الإرادة الحقيقية القوية .

على خلاف صفاقة الأيادي والألسة الطويلة والحادة التي لاتعبر عن مواقف معينة وواضحة وإما تسودها الضبابية والتريث نظرا لعدم إستباق الأحداث والمتغيرات على صعيد الواقع .

ولعل خير دليل على ذلك الإنقلاب على الشرعية الذي حدث في 2008 بقيادة صاحب القبعة الحمراء وحامل الوسام الثقيل الذي قدم له كهدية على طبق من ذهب من طرف الرئيس "سيد ولد الشيخ عبد الله"المدني الوحيد المنتخب الذي أزيح نتيجة لتضررالمصالح الخاصة لأصحاب النفوذ العسكريين وكأنهم هم الشعب الموريتاني الذي منحه الثقة وقد سحبها منه هذا هو ماحصل للرئيس الموريتاني بغض النظرأوبدون غض النظر عن أخطائه وعن الجهات الداعمة له التي حصل بموجبها على الأغلبية لتقوده لذلك القصر الرمادي.

ففي ذلك الحين لم نشاهد أي موقف يندد بما حدث بإستثاء الرجل الوحيد المتماسك صاحب المبادئ الأصيلة والمواقف النبيلة السيد "مسعود ولد  بولخير" الذي يشغل في ذلك الوقت منصب رئيس الجمعية الوطنية إضافة لكونه رئيس حزب الإتحاد الشعبي التقدمي هذا بالإضافة إلى نفر قليل ممن إلتحقوا به من قادة ورموز المعارضة فأي صوت البقية؟

كالعادة ساد الصمت في أوساط المعارضة بل إن بعضها أيد ذلك الإنقلاب الذي يتنافى مع الشرعية طمعا في دعم المؤسسة العسكرية له أثناء تقديمه لملف ترشحه بعد الفترة الإنتقالية التي ستفتح فيها أبواب الترشح لإنتخاب من سيقود البلد نحوالأفضل كما تصف المؤسسة العسكرية .

وحين تبين لمن أيدوا ذلك الإنقلاب أن الذي قاده سيستقيل ويرشح نفسه بإعتبارأنه هو الأفضل لقيادة الوطن حسب وجهة نظر تلك المؤسسة الذي هو جزء منها عادوا ونندوا بالإنقلاب على الشرعية وكأن الأوان لم يفت والمواقف لم تتغير فيال غرابة الأمر.

وهنا مجانية للحقيقة التي توضح لنا ذلك التذبذب في مواقف ومبادئ ساستنا المعارضين بإستثناء تلك القلة المتماسكة التي يشهد لها التاريخ وجغرافية الميدان بالوطنية والتزكية وهذا دليل قاطع على صدق نواياهم الخيرة وعلى قوة إرادتهم التي لم تقهرها صياط أجهزة الأمن على نقيض غيرها خلال المواجهة أنذاك أثناء الرفض القاطع للإنقلاب الذي حدث على الشرعية .

ولعل هذه أبرز المواقف التاريخية التي تحسب للمعارضة لكون ذلك الزعيم ينتمي إليها هو والقلة القليلة ممن تأثروا به .

ولحسن الحظ كان ذلك الرمز في الوقت نفسه يشغل ذلك المنصب الحساس ولو لم يكن كذلك لإتهموه بالمعارضة من أجل مصالحه كما هم عهدوا أنفسهم لكن العكس حدث وهذا سبب كاف ويقين على صدق النية والشعور بالمسؤولية تجاه الشعب والوطن.

نتذكر جميعا ذلك اللقاء الذي جرى في قصر المؤتمرات بحضور صاحب الوزن الثقيل "الزعيم الراحل معمر القذافي "في وساطة منه حول صياغة إتفاق يرضي الأطراف جميعا بإعتباره "رئيسا للإتحاد الإفريقي"كما نتذكر جيدا ذلك الإنسحاب من قبل الرموز المعروفة التي لاتشرى ذممها كما عودتنا البقية .

أليس ذلك الإنسحاب الناتج عن الرفض القاطع لشروط الإتفاق إثباتا قاطعا على التمسك بالقيم والمبادئ ووعيا وإدراكا للمسؤولية تجاه البلد الذي أنهكته المؤسسة العسكرية بتدخلاتها التي تعجز عن إيجاد مبرربسيط وواضح يتم تقديمه في ثوب شعبي يفهمه الجميع ويستوعبه ويتمكن من فهم فقه أولوياته وضبط معانيه .

ولعل الأسباب الكامنة وراء تدخلات تلك المؤسسة تكمن في ضعف وهشاشة المعارضة الموريتانية التي تتناقض وتتعارض مع نفسها ولاتمثل المستوى المطلوب لافي المواقف ولا المبادئ ولافي الأفكار والرؤى والنظريات وهاهي اليوم تقع في نفس الفخ السياسي بسبب ضعف الحنكة السياسية عند قادتها الذين غالبا ما يفكرون تفكير غرائزي يبحث عن الحياة المترفة،هذه المعارضة هي الأقرب في جوهرها ووصفها ''بالمعارضة من أجل المعارضة'' لا من أجل المصالح العامة وإنما من أجل تحقيق أغراض نفعية لاتخدم إلا المصلة الخاصة.

أليس هذا الجمع المعارض هو من عارض الأمس اليوم وهرول اليوم بإتجاه الطرف الآخر دون أن تتم مصالحته ،أليس هو من يقاطع الإنتخابات ويعرقل المصالحة الوطنية ويعود في الغريب العاجل خوفا من إقصاء مصالحه ليتهكم على الشعب الموريتاني بالقول إنه مجبور على العودة والوفاق المؤقت خوفا على الوطن .

وإذا صح هذا الإدعاء الباطل وكانوا صادقين بذلك فمالمانع من ان يتم توحيد الصفوف وتجميع القوى وإتحاد المبادئ وتنشيطها لأجل الوطن أليس هذا من مصلحة الوطن ... ألا يخدم هذا الصالح العام،ألا يجدر بساستنا المعارضين الإتفاق على مرشح واحد بدلا من "الكل ضد الكل" وتشتيت الجهد الذي لايخدم إلا المنافع الخاصة ويتقاطع مع العامة .

فالسبب إذن واضح ولايحتاج للتفسير والتحليل نظرا لإرتباطه بالمنافع الخاصة والتمسك بها رهين بتشتيت الجهد من أجل ضمان وإستمرارالمآرب والمكاسب بإعبارها هي الأولوية .

هذا هو واقع ساستا المعارضين المخجل نكتبه بواقعية موضوعية من أجل تغيير الواقع.

لبات ولد الفاظل .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق