قدم معالي وزير الدفاع الوطني السيد حننه ولد سيدي عرضا أمام المشاركين في مؤتمر الأمن الدولي المنعقد في موسكو، حول موضوع التعاون العسكري والعسكري التقني بين روسيا وبلدان إفريقيا والشرق الأوسط، بوصفه عاملا أساسيا في الأمن الإقليمي. وقد ركز العرض على ثلاث نقاط أساسية، هي:
ـ التحديات الأمنية في إفريقيا والشرق الأوسط، وضرورة تنويع الشراكات، بعيدا عن الخلافات الأيدولوجية القديمة.
ـ تجديد التعاون الروسي في إفريقيا والشرق الأوسط على ضوء الموروث التاريخي للإمبراطورية وللاتحاد السوفيتي.
ـ تعزيز العمل متعدد الأطراف في إطار أكثر ملاءمة لحل الأزمات الإقليمية والدولية.
وقد أكد معالي وزير الدفاع الوطني في مستهل خطابه تمسك الجمهورية الإسلامية الموريتانية تحت القيادة الرشيدة لصاحب الفخامة السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بمختلف الآليات الدولية المعنية بالوقاية وتسوية النزاعات، خاصة في إفريقيا والشرق الأوسط، حيث ظلت موريتانيا، أرض الحضارات العربية والإفريقية والإسلامية،على الدوام متشبثة بحوار الثقافات وقيم السلم والأمن الشاملين، ونبه على أن السيطرة على النزاعات المسلحة والإرهاب وتهريب السلاح والمخدرات والاتجار بالبشر لن تكون فعالة دون تضافر الجهود الأمنية بشكل دائم، كما أن عدم استقرار الدول ناتج في اغلب الحالات عن ضعف المؤسسات الديمقراطية ودعامتها الاقتصادية. أما سوء الحكامة فإنه يعيق الجهود المبذولة ويزيد من جسامة وتعقيد التحديات، ففي الكثير من البلدان، دفعت الهشاشة الشباب، بفعل التسرب المدرسي والبطالة، إلى الالتحاق بالأوساط الإرهابية التي تبث إيديولوجية متطرفة تعتمد على أقوال مغلوطة ومنافية لتعاليم الدين الإسلامي الذي يكرس قيم التسامح والايثار واحترام كرامة الانسان.
وشدد وزير الدفاع على أن محاربة الإرهاب تفرض اليوم إقامة شراكات متنوعة مبنية على استراتيجيات دقيقة مثل القوة المشتركة لدول الساحل الخمس التي تستفيد من دعم معتبر من قبل شركاء عديدين، نذكر منهم الاتحاد الأوروبي وفرنسا والولايات المتحدة الامريكية والصين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسبانيا ورواندا والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. وفي نفس السياق يمكن ذكر الائتلاف من أجل الساحل الذي يشمل العديد من الشركاء الاستراتيجيين المنخرطين في دعم مكافحة الإرهاب.
ولفت وزير الدفاع الانتباه على النموذج الموريتاني الناجح في محاربة التطرف العنيف، حيث اعتمدت هذه الإستراتيجية على تحليل المحيط الجيواستراتيجي، الأمر الذي أدى الى الفهم الصحيح للأسباب الحقيقية للتهديدات الأمنية، وقد صيغت عناصر هذه الاستراتيجية بغية تنفيذ مجموعة من الإجراءات على الصعيد العملياتي والقانوني والديني والاجتماعي والاقتصادي.
وسمحت هذه الإجراءات، في أمد وجيز، بالرفع من مستوى أداء قواتنا المسلحة وقوات أمننا وتجفيف منابع تمويل الإرهاب والاكتتاب له وتعزيز التنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
وأشار الوزير إلى أن العلاقات بين روسيا والشرق الأوسط وافريقيا ضاربة في القدم، والتفاعل بين هذه الجهات يبدو أمرا طبيعيا بالنظر الى التقارب الجغرافي وحضور الإسلام في روسيا التي انضمت سنة 2005 إلى منظمة المؤتمر الإسلامي بصفة مراقب، كما أن لروسيا حضورا قديما في إفريقيا وخاصة مصر وإثيوبيا.
وأشار إلى أن روسيا، بوصفها قوة نووية وعضوا دائما في مجلس الأمن، لها دور في فض النزاعات الاقليمية والمكافحة الشاملة للإرهاب، وكذلك في تعزيز القوانين الدولية ضد انتشار الأسلحة النووية، ويزيد من مصداقية روسيا كونها مؤثرة في العديد من دوائر صنع القرار العالمية سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو التجاري، وربما ينبغي لتجديد التعاون الروسي أن يكون ضمن تصور يراعي توحيد الجهود في كل فضاءاتنا الجيوسياسية. ويبقى الهدف النهائي هو الاسهام في السلم والامن في مختلف مناطق العالم، وصولا الى خلق الظروف الملائمة للنهوض بالشعوب اجتماعيا واقتصاديا.
وأضاف وزير الدفاع الوطني أن تصاعد النزاعات القومية ومختلف اشكال التطرف أمور تستدعي إعادة النظر في توجيه استراتيجيات وسياسات التعاون على الصعيد العالمي. وفي الوقت الراهن يبدو من الضروري إقامة نظام جديد للتعاون الدولي، تكون له أهداف مشتركة.
وفي ختام عرضه، نبه وزير الدفاع الوطني أن إقامة عالم متعدد الأقطاب ومتوازن وموحد حول أهداف استراتيجية مشتركة، قد تكون ضمانة لاستعادة الحفاظ على السلم والأمن في بؤر الاضطراب في إفريقيا والشرق الأوسط وفي العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق