سجل التاريخ لقبائل الساحل الكثير من المواقف المشرفة، من أبسطها قوة المقاومة التي واجهت الغزاة في أول أمتار من أرض الوطن تصلها أقدامهم الجائرة، فقد كانت قبيلة أولاد ادليم _نموذجا_ قوة اقتصادية تتمتع بثروات طائلة تغرس أوتاد كيانها على امتداد الفضاء الساحلي الذي كان يسمى آنذاك ب"بلاد أولاد ادليم"، لما تتمتع به من قوة عسكرية وسياسية كبيرة،
ورد في الصفحة 08من كتاب: افريقيا لمارمول كاربلخال (1520-1600)/ترجمة محمد حجي واحمد توفيق: أن القوة العسكرية لأولاد ادليم( ثلاثة آلاف فارس وعشرين ألف راجل) كما يذكر لهم الثروة الطائلة خاصة في الإبل ويصفهم بأنهم (محاربون ممتازون).
وفي مقاله: #اولاد ادليم في بداية القرن السابع عشر يهزمون هولندا وتخضع لشروطهم كتب #الدكتور محمد البرناوي: (ففي شهر يوليو من سنة 1633 اندلعت معركة في مرسى چور، المعروف عمليا ب Portendik فقتل فيها والي هولندا _حاكم البلاد آنذاك_ وعدد من حاميته.
وقع ذلك إثر إهانة شيخ إحدى القبائل المحلية.
يقول Kolterman : " وبدل أن يثأر الهولنديون لمن قتل من مواطنيهم، فقد أدركوا أن السلوك السيئ للحاكم المذكور وعدم تكيف حاميته مع عقلية البظان، كانا السبب فيما وقع من أضرار، لذلك قرروا عودة الحامية إلى الوطن الأم والكف عن التدخل في الشؤون السياسية المحلية، كل المعطيات المتوفرة تؤكد أن المعركة كانت مع قبيلة أولاد دليم، وأن إهانة الشيخ المذكور لم تكن إلا السبب المباشر، حيث كانت الظروف الموضوعية مهيأة لاندلاع الجهاد ضد المستعمر الجديد (هولندا) بعد أن رحل الأول(البرتغال) من غير أن يعرف الج/هاد توقفًا أثناء فترة سيطرته.
لذلك فإن تفسير الوقائع على النحو الذي قدمه Kolterman هو اختزال وتبسيط لتاريخ مجتمع، ظل رافضا عبر الزمن للوجود الأجنبي، والقرون الخمسة التي توالت على البلاد فيها "الاحتلالات": البرتغالية والهولندية والانجليزية وأخيرا الفرنسية، شاهدة على ما قدمت قبيلة أولاد دليم من قوافل الشهداء في معارك الشرف ضد الاحتلال، وعلى رباطها الدائم على الثغور الغربية للوطن دفاعا عن البلاد)
إن ثقافة الجسارة و الأنفة والكرامة و ما تتمتع به قبائل الساحل على امتداد التاريخ من ثروات طائلة وقوة عسكرية كبيرة و حضور سياسي يتخطى في بعض الأحيان حدود البلد إلى الدول المجاورة، يجعلها بالإضافة إلى دورها الرئيسي في وقف الزحف الاستعماري ركيزة أمامية لخيمة الوطن الشامخة، ولا يمكن بحال من الأحوال طمس هويتها أو التقليل من شأنها بواسطة كلمات نابية تصاغ بتشنج من طرف أشخاص لم يدقوا للتاريخ بابا على ما يبدو من وصفهم لمجموعات تمثل هذه القبائل الشاهقة ب: " الرويبضة" و يورد الحديث الشريف الذي يعرف الرويبضة بأنه " السفيه يتكلم في أمر العامة"، و الحقيقة أن الأشخاص الذين تحدثوا يمثلون قبائل كانوا السبب في حماية الحدود الغربية لبلاد "العامة" الذين يصفونهم اليوم بالرويبضة ويستكثرون عليهم تعبيرهم عن رؤاهم و يطالبون بقطع رأس الأفعى التي يخيل إليهم أن القبائل تستمد قوتها منها، و اللاوعي عند الكاتب يحمله على إطلاق وصف رأس الأفعى على من ينتمي لمجتمع لم ينتج إلا الرؤوس و لم يتصدره الأذناب أبدا، و لا ترجفه الألجمة التي دعى الكاتب إلى إلجام بها هذه التنظيمات الاجتماعية والتي هي قبائل بكاملها دعى إلى تصفيتها وهي دعوة صريحة لشن الحرب على جزء كبير من هذا الشعب، لا لسبب سوى تعبيرهم عن ما يرونه، و عدم قبولهم للإساءة إلى
رموزهم وعلى أرضهم.
#ادليميات_حرائر_أنجبن_أبطالا_لا_رويبضات
الكاتبة/ لعزيزة بنت البرناوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق